قوله تعالى (يخادعون الله) في الجملة وجهان: أحدهما لا موضع لها، والثانى موضعها نصب على الحال، وفى صاحب الحال والعامل فيها وجهان: أحدهما هي من الضمير في يقول، فيكون العامل فيها يقول، والتقدير: يقول آمنا مخادعين: والثانى هي حال من الضمير في قوله بمؤمنين، والعامل فيها اسم الفاعل، والتقدير: وماهم بمؤمنين في حال خداعهم، ولايجوز أن يكون في موضع جر على الصفة لمؤمنين، لأن ذلك يوجب نفى خداعهم، والمعنى على إثبات الخداع: ولايجوز أن تكون الجملة حالا من الضمير في آمنا، لأن آمنا محكى عنهم بيقول، فلو كان يخادعون حالا من الضمير في آمنا لكانت محكية أيضا، وهذا محال لوجهين: أحدهما أنهم ما قالوا آمنا وخادعنا.
والثانى أنه أخبر عنهم بقوله يخادعون، ولو كان منهم لكان نخادع بالنون، وفى الكلام حذف تقديره: يخادعون نبى الله، وقيل هو على ظاهره من غير حذف.
قوله عزوجل (وما يخادعون) وأكثر القراءة بالألف، وأصل المفاعلة أن تكون من اثنين، وهى على ذلك هنا لأنهم في خداعهم ينزلون أنفسهم منزلة أجنبي
يدور الخداع بينهما، فهم يخدعون أنفسهم وأنفسهم تخدعهم، وقيل المفاعلة هنا من واحد كقولك: سافر الرجل، وعاقبت اللص، ويقرأ، يخدعون بغير ألف مع فتح الياء، ويقرأ بضمها على أن يكون الفاعل للخدع الشيطان فكأنه قال: ومايخدعهم الشيطان (إلا أنفسهم) أي عن أنفسهم، وأنفسهم نصب بأنه مفعول وليس نصبه على الاستثناء، لأن الفعل لم يستوف مفعوله قبل إلا.
قوله تعالى (فزادهم الله) زاد يستعمل لازما كقولك: زاد الماء، ويستعمل متعديا إلى مفعولين كقولك زدته درهما، وعلى هذا جاء في الآية، ويجوز إمالة الزاى لأنها تكسر في قولك زدته، وهذا يجوز فيما عينه واو مثل خاف، إلا أنه أحسن فيما عينه ياء.
قوله تعالى (أليم) هو فعيل بمعنى مفعل لأنه من قولك آلم فهو مؤلم وجمعه الماء وألام مثل شريف وشرفاء وشراف.
قوله تعالى (بما كانوا يكذبون) هو في موضع رفع صفة لأليم، وتتعلق الباء بمحذوف تقديره أليم كائن بتكذيبهم أو مستحق وما هنا مصدرية، وصلتها يكذبون، وليست كان صلتها لأنها الناقصة، ولا تستعمل منها مصدر، ويكذبون في موضع نصب خبر كان، وما المصدرية حرف عند سيبويه واسم عند الأخفش: وعلى كلا القولين لا يعود عليها من صلتها شئ.
Bogga 17