[المقدمة]
[~*~*~*~* الجزء الأول ~*~*~*~*]
إملاء ما من به الرحمن
أبو البقاء العكبري
ج 1إملاء ما من به الرحمن ¶ أبو البقاء العكبري ¶ ج 1
تأليف أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري
(538 - 616 ه)
الجزء الأول
Bogga 1
دار الكتب العلمية بيروت لبنان الطبعة الأولى 1399 ه - 1979 م بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام العالم محب الدين أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري رحمه الله تعالى، ورحم أسلافه بمحمد وآله وأصحابه وأنصاره: الحمد لله الذى وفقنا لحفظ كتابه، وأوقفنا على الجليل من حكمه وأحكامه وآدابه، وألهمنا تدبر معانيه ووجوه إعرابه، وعرفنا تفنن أساليبه من حقيقته ومجازه وإيجازه وإسهابه.
أحمده على الاعتصام بأمتن أسبابه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مؤمن بيوم حسابه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبرز في لسنه وفصل خطابه،
ناظم حبل الحق بعد انقضابه، وجامع شمل الدين بعد انشعابه، صلى الله عليه وآله وأصحابه، ما استطار برق في أرجاء سحابه، واضطرب بحر بآذيه وعبابه.
أما بعد: فإن أولى ما عنى باغى العلم بمراعاته، وأحق ما صرف العناية إلى معاناته.
ما كان من العلوم أصلا لغيره منها، وحاكما عليها ولها فيما ينشأ من الاختلاف عنها، وذلك هو القرآن المجيد، الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وهو المعجز الباقي على الأبد، والمودع أسرار المعاني التى لا تنفد، وحبل الله المتين، وحجته على الخلق أجمعين.
فأول مبدوء به من ذلك تلقف ألفاظه عن حفاظه، ثم تلقى معانيه ممن يعانيه، وأقوم طريق يسلك في الوقوف على معناه، ويتوصل به إلى تبيين أغراضه ومغزاه، معرفة إعرابه واشتقاق مقاصده من أنحاء خطابه، والنظر في وجوه القرآن المنقولة عن الأئمة الأثبات.
والكتب المؤلفة في هذا العلم كثيرة جدا، مختلفة ترتيبا وحدا، فمنها المختصر حجما وعلما، ومنها المطول بكثرة إعراب الظواهر، وخلط الإعراب بالمعاني، وقلما تجد فيها مختصر الحجم كثير العلم، فلما وجدتها على ما وصفت، أحببت أن أملى كتابا يصغر حجمه ويكثر علمه، أقتصر فيه على ذكر الإعراب ووجوه القراءات، فأتيت به على ذلك، والله أسأل أن يوفقني فيه لإصابة الصواب، وحسن القصد به بمنه وكرمه.
Bogga 3
إعراب الاستعاذة
(أعوذ) أصله أعوذ بسكون العين وضم الواو مثل أقتل، فاستثقلت الضمة على الواو فنقلت إلى العين وبقيت ساكنة، ومصدره عوذ وعياذ ومعاذ، وهذا تعليم، والتقدير فيه: قل أعوذ.
(والشيطان) فيعال من شطن يشطن إذا بعد، ويقال فيه شاطن وتشطين، وسمى بذلك كل متمرد لبعد غوره في الشر، وقيل هو فعلان من شاط يشيط إذا هلك فالتمرد هالك بتمرده، ويجوز أن يكون سمى بفعلان لمبالغته في إهلاك غيره، و(الرجيم)
فعيل بمعنى مفعول: أي مرجوم بالطرد واللعن، وقيل هو فعيل بمعنى فاعل: أي يرجم غيره بالإغواء.
إعراب التسمية
الباء في (بسم) متعلقة بمحذوف، فعند البصريين المحذوف مبتدأ والجار والمجرور خبره، والتقدير ابتدائى بسم الله، أي كائن باسم الله فالباء متعلقة بالكون والاستقرار.
وقال الكوفيون: المحذوف فعل تقديره ابتدأت أو أبدأ فالجار والمجرور في موضع نصب بالمحذوف وحذفت الألف من الخط لكثرة الاستعمال، فلو قلت لاسم الله بركة أو باسم ربك أثبت الألف في الخط، وقيل حذفوا الألف لأنهم حملوه على سم وهى لغة في اسم، ولغاته خمس: سم بكسر السين وضمها، واسم بكسر الهمزة وضمها، وسمى مثل ضحى، والأصل في اسم سمو، فالمحذوف منه لامه، يدل على ذلك قولهم في جمعه أسماء وأسامي، وفى تصغيره سمى، وبنوا منه فعيلا فقالوا: فلان سميك أي اسمه كاسمك، والفعل منه سميت وأسميت، فقد رأيت كيف رجع المحذوف إلى آخره.
وقال الكوفيون: أصله وسم لأنه من الوسم وهو العلامة، وهذا صحيح في المعنى فاسد اشتقاقا.
Bogga 4
فإن قيل: كيف أضيف الاسم إلى الله، والله هو الاسم ؟ قيل: في ذلك ثلاثة أوجه: أحدهما أن الاسم هنا بمعنى التسمية، والتسمية غير الاسم، لأن الاسم هو اللازم للمسمى، والتسمية هو التلفظ بالاسم، والثانى أن في الكلام حذف مضاف تقديره باسم مسمى الله، والثالث أن اسم زيادة، ومن ذلك قوله: * إلى الحول ثم اسم السلام عليكما * وقول الآخر: * داع يناديه باسم الماء * أي السلام عليكما ونناديه بالماء والأصل في الله الإلاه، فألقيت حركة الهمزة على لام المعرفة، ثم سكنت وأدغمت
في اللام الثانية ثم فخمت إذا لم يكن قبلها كسرة، ورققت إذا كانت قبلها كسرة، ومنهم من يرققها في كل حال، والتفخيم في هذا الاسم من خواصه.
وقال أبو علي: همزة إلاه حذفت حذفا من غير إلقاء، وهمزة إلاه أصل وهو من أله يأله إذا عبد، فالإله مصدر في موضع المفعول أي المألوه وهو المعبود، وقيل أصل الهمزة واو لأنه من الوله فالإله تتوله إليه القلوب: أي تتحير، وقيل أصله لاه على فعل، وأصل الألف ياء لأنهم قالوا في مقلوبه لهى أبوك، ثم أدخلت عليه الألف واللام (الرحمن الرحيم) صفتان مشتقتان من الرحمة والرحمن من أبنية المبالغة، وفى الرحيم مبالغة أيضا إلا أن فعلانا أبلغ من فعيل، وجرهما على الصفة، والعامل في الصفة هو العامل في الموصوف، وقال الأخفش: العامل فيها معنوى وهو كونها تبعا، ويجوز نصبهما على إضمار أعنى ورفعهما على تقدير هو.
سورة الفاتحة
الجمهور على رفع (الحمد) بالابتداء و(لله) الخبر واللام متعلقة بمحذوف أي واجب أو ثابت، ويقرأ الحمد بالنصب على أنه مصدر فعل محذوف: أي أحمد الحمد، والرفع أجود لأن فيه عموما في المعنى، ويقرأ بكسر الدال إتباعا لكسرة اللام كما قالوا المعيرة ورغيف وهو ضعيف في الآية لأن فيه إتباع الإعراب البناء، وفى ذلك إبطال للإعراب، ويقرأ بضم الدال واللام على إتباع اللام الدال، وهو ضعيف أيضا لأن لام الجر متصل بما بعده منفصل عن الدال، ولا نظير له في حروف الجر المفردة إلا أن من قرأ به فر من الخروج من الضم إلى الكسر وأجراه مجرى المتصل، لأنه لا يكاد يستعمل الحمد منفردا عما بعده، والرب مصدر رب يرب، ثم جعل صفة كعدل وخصم، وأصله راب وجره على الصفة أو البدل، وقرئ بالنصب على إضمار أعنى، وقيل على النداء، وقرئ بالرفع على إضمار هو (العالمين) جمع تصحيح واحده عالم، والعالم اسم موضوع للجمع ولا واحد له في اللفظ، واشتقاقه من العلم
عند من خص العالم بمن يعقل، أو من العلامة عند من جعله لجميع المخلوقات، وفى (الرحمن الرحيم) الجر والنصب والرفع، وبكل قرئ على ما ذكرناه في رب.
Bogga 5
قوله تعالى (ملك يوم الدين) يقرأ بكسر اللام من غير ألف، وهو من عمر ملكه، يقال ملك بين الملك بالضم، وقرئ بإسكان اللام وهو من تخفيف المكسور مثل فخذ وكتف، وإضافته على هذا محضة وهو معرفة، فيكون جره على الصفة أو البدل من الله، ولاحذف فيه على هذا، ويقرأ بالأف والجر، وهو على هذا نكرة، لأن اسم الفاعل إذا أريد به الحال أو الاستقبال لا يتعرف بالإضافة، فعلى هذا يكون جره على البدل لا على الصفة، لأن المعرفة لاتوصف بالنكرة، وفى الكلام حذف مفعول تقديره: مالك أمر يوم الدين، أو مالك يوم الدين الأمر، وبالإضافة لى يوم خرج عن الظرفية، لأنه لا يصح فيه تقدير في، لأنها تفصل بين المضاف والمضاف إليه، ويقرأ مالك بالنصب على أن يكون بإضمار أعنى أو حالا، وأجاز قوم أن يكون نداء، ويقرأ بالرفع على إضمار هو أو يكون خبرا للرحمن الرحيم على قراءة من رفع الرحمن، ويقرأ مليك يوم الدين رفعا ونصبا وجرا، ويقرأ ملك يوم الدين على أنه فعل ويوم مفعول أو ظرف، والدين مصدر دان يدين.
قوله تعالى (إياك) الجمهور على كسرة الهمزة وتشديد الياء، وقرئ شاذا بفتح الهمزة، والأشبه أن يكون لغة مسموعة، وقرئ بكسر الهمزة وتخفيف الياء، والوجه فيه أنه حذف إحدى الياءين لاستثقال التكرير في حرف العلة، وقد جاء ذلك في الشعر، قال الفرزدق: تنظرت نصرا والسماكين أيهما * علي مع الغيث استهلت مواطره وقالوا في أما: أيما، فقلبوا الميم ياء كراهية التضعيف، وإيا عند الخليل وسيبويه اسم مضمر، فأما الكاف فحرف خطاب عند سيبويه لا موضع لها، ولا تكون اسما
لأنها لو كانت اسما لكانت إيا مضافة إليها والمضمرات لا تضاف، وعند الخليل هي اسم مضمر أضيفت إيا إليه، لأن إيا تشبه المظهر لتقدمها على الفعل والفاعل ولطولها بكثرة حروفها، وحكى عن العرب: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب.
وقال الكوفيون: إياك بكمالها اسم وهذا بعيد، لأن هذا الاسم يختلف آخره بحسب اختلاف المتكلم والمخاطب والغائب فيقال: إياى وإياك وإياه.
وقال قوم: الكاف اسم وإيا عماد له وهو حرف، وموضع إياك نصب بنعبد.
فإن قيل: إياك خطاب والحمد لله على لفظ الغيبة، فكان الأشبه أن يكون إياه.
قيل: عادة العرب الرجوع من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة.
وسيمر بك من ذلك مقدار صالح من القرآن.
Bogga 6
قوله تعالى (نستعين) الجمهور على فتح النون، وقرئ بكسرها وهى لغة، وأصله نستعون نستفعل من العون فاستقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى العين ثم قلبت ياء لسكونها وإنكسار ما قبلها.
قوله تعالى (اهدنا) لفظه أمر والأمر مبنى على السكون عند البصريين، ومعرب عند الكوفيين، فحذف الياء عند البصريين علامة السكون الذى هو بناء، وعند الكوفيين، هو علامة الجزم، وهدى يتعدى إلى مفعول بنفسه فأما تعديه إلى مفعول آخر فقد جاء متعديا إليه بنفسه ومنه هذه الآية، وقد جاء متعديا بإلى كقوله تعالى: " هداني ربي إلى صراط مستقيم "، وجاء متعديا باللام، ومنه قوله تعالى: (الذى هدانا لهذا).
و(السراط) بالسين هو الأصل لأنه من سرط الشئ إذا بلعه، وسمى الطريق سراطا لجريان الناس فيه كجريان الشئ المبتلع، فمن قرأه بالسين جاء به على الأصل، ومن قرأه بالصاد قلب السين صادا لتجانس الطاء في الإطباق، والسين تشارك الصاد
في الصفير والهمس، فلما شاركت الصاد في ذلك قربت منها، فكانت مقاربتها لها مجوزة قلبها إليها لتجانس الطاء في الإطباق، ومن قرأ بالزاى قلب السين زايا، لأن الزاى والسين من حروف الصفير، والزاى أشبه بالطاء لأنهما مجهورتان، ومن أشم الصاد زايا قصد أن يجعلها بين الجهر والإطباق، وأصل (المستقيم) مستقوم ثم عمل فيه ما ذكرنا في نستعين، ومستفعل هنا بمعنى فعيل: أي السراط القويم، ويجوز أن يكون بمعنى القائم، أي الثابت، وسراط الثاني بدلا من الأول، وهو بدل الشئ وهما بمعنى واحد وكلاهما معرفة، والذين اسم موصول وصلته أنعمت، والعائد عليه الهاء والميم، والغرض من وضع الذى وصف المعارف بالجمل، لأن الجمل تفسر بالنكرات والنكرة لاتوصف بها المعرفة، والألف واللام في الذى زائدتان وتعريفها بالصلة، ألا ترى أن " من " و" ما " معرفتان ولا لام فيهما فدل أن تعرفهما بالصلة.
والأصل في الذين اللذيون، لأن واحده الذى، إلا أن ياء الجمع حذفت ياء الأصل لئلا يجتمع ساكنان، والذين بالياء في كل حال لأنه اسم مبنى، ومن العرب من يجعله في الرفع بالواو، وفى الجر والنصب بالياء كما جعلوا تثنيته بالألف في الرفع وبالياء في الجر والنصب.
وفى الذى خمس لغات: إحداها الذى بلام مفتوحة من غير لام التعريف، وقد قرئ به شاذا، والثانية الذى بسكون الياء، والثالثة بحذفها وإبقاء كسرة الذال، والرابعة حذف الياء وإسكان الذال، والخامسة بياء مشددة.
Bogga 7
قوله تعالى (غير المغضوب) يقرأ بالجر، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه بدل من الذين.
والثانى أنه بدل من الهاء والميم في عليهم.
والثالث أنه صفة للذين.
فإن قلت: الذين معرفة وغير لا يتعرف بالإضافة فلا يصح أن يكون صفة له.
ففيه جوابان: أحدهما أن غير إذا وقعت بين متضادين وكانا معرفتين تعرفت بالإضافة كقولك: عجبت من الحركة غير السكون، وكذلك الأمر هنا لأن المنعم عليه والمغضوب
عليه متضادان.
والجواب الثاني أن الذين قريب من النكرة لأنه لم يقصد به قصد قوم بأعيانهم وغير المغضوب قريبة من المعرفة بالتخصيص الحاصل لها بالإضافة فكل واحد منهما فيه إبهام من وجه واختصاص من وجه.
ويقرأ غير بالنصب، وفيه ثلاثة أوجه: أحدهما أنه حال من الهاء والميم والعامل فيها أنعمت، ويضعف أن يكون حالا من الذين لأنه مضاف إليه، والصراط لا يصح أن يعمل بنفسه في الحال، وقد قيل إنه ينتصب على الحال من الذين ويعمل فيها معنى الإضافة.
والوجه الثاني أنه ينتصب على الاستثناء من الذين أو من الهاء والميم.
والثالث أنه ينتصب بإضمار أعنى والمغضوب مفعول من غضب عليه، وهو لازم والقائم مقام الفاعل عليهم، والتقدير غير الفريق المغضوب، ولا ضمير في المغضوب لقيام الجار والمجرور مقام الفاعل، ولذلك لم يجمع فيقال الفريق المغضوبين عليهم، لأن اسم الفاعل والمفعول إذا عمل فيما بعده لم يجمع جمع السلامة (ولا الضالين) " لا " زائدة عند البصريين للتوكيد، وعند الكوفيين هي بمعنى غير، كما قالوا: جئت بلا شئ فأدخلوا عليها حرف الجر فيكون لها حكم غير.
وأجاب البصريون عن هذا بأن " لا " دخلت للمعنى فتخطاها العامل كما يتخطى الألف واللام والجمهور على ترك الهمز في الضالين: وقرأ أيوب السختيانى بهمزة مفتوحة وهى لغة فاشية في العرب في كل ألف وقع بعدها حرف مشدد نحو: ضال ودابة وجان، والعلة في ذلك أنه قلب الألف همزة لتصح حركتها لئلا يجمع بين ساكنين.
فصل وأما آمين فاسم للفعل ومعناها اللهم استجب، وهو مبنى لوقوعه موقع المبنى، وحرك بالفتح لأجل الياء قبل آخره كما فتحت أين، والفتح فيها أقوى لأن قبل الياء كسرة، فلو كسرت النون على الأصل لوقعت الياء بين كسرتين.
وقيل (آمين): اسم من أسماء الله تعالى، وتقديره: ياآمين، وهذا خطأ لوجهين: أحدهما أن أسماء الله لا تعرف إلا تلقيا ولم يرد بذلك سمع.
والثانى أنه لو كان كذلك لبنى على الضم لأنه
Bogga 8
منادى معرفة أو مقصود، وفيه لغتان: القصر وهو الأصل، والمد وليس من الأبنية العربية، بل هو من الأبنية الأعجمية كهابيل وقابيل والوجه فيه أن يكون أشبع فتحة الهمزة فنشأت الألف، فعلى هذا لا تخرج عن الأبنية العربية.
فصل: في هاء الضمير نحو: عليهم وعليه وفيه وفيهم وإنما أفردناه لتكرره في القرآن.
الأصل في هذه الهاء الضم لأنها تضم بعد الفتحة والضمة والسكون نحو: إنه وله وغلامه ويسمعه ومنه، وإنما يجوز كسرها بعد الياء نحو: عليهم وأيديهم، وبعد الكسر نحو: به وبداره، وضمها في الموضعين جائز لأنه الأصل، وإنما كسرت لتجانس ما قبلها من الياء والكسرة، وبكل قد قرئ.
فأما عليهم ففيها عشر لغات، وكلها قد قرئ به: خمس مع ضم الهاء، وخمس مع كسرها، فالتى مع الضم: إسكان الميم وضمها من غير إشباع، وضمها مع واو، وكسر الميم من غير ياء، وكسرها مع الياء.
وأما التي مع كسر الهاء: فإسكان الميم وكسرها من غير ياء وكسرها مع الياء، وضمها من غير واو، وضمها مع الواو، والأصل في ميم الجمع أن يكون بعدها واو كما قرأ ابن كثير، فالميم لمجاوزة الواحد، والألف دليل التثنية نحو: عليهما، والواو للجمع نظير الألف، ويدل على ذلك أن علامة الجماعة في المؤنث نون مشددة نحو: عليهن، فكذلك يجب أن يكون علامة الجمع للمذكر حرفين، إلا أنهم حذفوا الواو تخفيفا، ولا لبس في ذلك لأن الواحد لاميم فيه، والتثنية بعد ميمها ألف، وإذا حذفت الواو سكنت الميم لئلا تتوالى الحركات في أكثر المواضع نحو: ضربهم ويضربهم، فمن أثبت الواو أو حذفها وسكن الميم فلما ذكرنا، ومن ضم الميم دل بذلك على أن أصلها الضم وجعل الضمة دليل الواو المحذوفة، ومن كسر الميم وأتبعها ياء فإنه حرك الميم بحركة الهاء المكسورة قبلها ثم قلب الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، ومن حذف الياء جعل الكسرة دليلا عليها، ومن
كسر الميم بعد ضمة الهاء فإنه أراد أن يجانس بها الياء التى قبل الهاء، ومن ضم الهاء قال: إن الياء في عليه حقها أن تكون ألفا كما ثبتت الألف مع المظهر وليست الياء أصل الألف، فكما أن الهاء تضم بعد الألف فكذلك تضم بعد الياء المبدلة منها، ومن كسر الهاء اعتبر اللفظ، فأما كسر الهاء وإتباعها بياء ساكنة فجائز على ضعف، أما جوازه فلخفاء الهاء بينت بالإشباع، وأما ضعفه فلأن الهاء خفية والخفى قريب من الساكن والساكن غير حصين، فكأن الياء وليت الياء، وإذا لقى الميم ساكن بعدها جاز ضمها نحو: عليهم الذلة، لأن أصلها الضم، وإنما أسكنت تخفيفا، فإذا احتيج إلى حركتها كان الضم الذى هو حقها في الأصل أولى ويجوز كسرها إتباعا لما قبلها .
Bogga 9
وأما: فيه ويليه، ففيه الكسر من غير إشباع، وبالإشباع، وفيه الضم من غير إشباع وبالإشباع، وأما إذا سكن ما قبل الهاء نحو: منه وعنه وتجدوه، فمن ضم من غير أشباع فعلى الأصل، ومن أشبع أراد تبيين الهاء لخفائها.
سورة البقرة
قوله تعالى (الم) هذه الحروف المقطعة كل واحد منها اسم، فألف اسم يعبر به عن مثل الحرف الذى في قال، ولام يعبر بها عن الحرف الأخير من قال، وكذلك ما أشبهها، والدليل على أنها أسماء أن كلا منها يدل على معنى في نفسه، وهى مبنية لأنك لا تريد أن تخبر عنها بشئ، وإنما يحكى بها ألفاظ الحروف التى جعلت أسماء لها فهى كالأصوات نحو: غاق، في حكاية صوت الغراب.
وفى موضع الم ثلاثة أوجه: أحدها الجر على القسم، وحرف القسم محذوف وبقى عمله بعد الحذف لأنه مراد، فهو كالملفوظ به كما قالوا الله ليفعلن في لغة من جر، والثانى: موضعها نصب، وفيه وجهان: أحدهما هو على تقدير حذف القسم كما تقول الله لأفعلن والناصب فعل محذوف تقديره: التزمت الله، أي اليمين به، والثانى
هي مفعول بها تقديره اتل الم.
والوجه الثالث: موضع رفع بأنها مبتدأ وما بعدها الخبر.
قوله عزوجل (ذلك) ذا اسم إشارة والألف من جملة الاسم.
وقال الكوفيون الذال وحدها هي الاسم، والألف زيدت لتكثير الكلمة، واستدلوا على ذلك بقولهم ذه أمة الله، وليس ذلك بشئ لأن هذا الاسم اسم ظاهر، وليس في الكلام اسم ظاهر على حرف واحد حتى يحمل هذا عليه، ويدل على ذلك قولهم في التصغير: ذيا فردوه إلى الثلاثي والهاء في ذه بدل من الياء في ذى.
Bogga 10
وأما اللام فحرف زيد ليدل على بعد المشار إليه، وقيل هي بدل من ها، ألا تراك تقول: هذا وهذاك ولا يجوز هذلك، وحركت اللام لئلا يجتمع ساكنان وكسرت على أصل التقاء الساكنين، وقيل كسرت للفرق بين هذه اللام ولام الجر، إذ لو فتحتها فقلت ذلك لالتبس بمعنى الملك، وقيل ذلك هاهنا بمعنى هذا، وموضعه رفع إما على أنه خبر الم والكتاب عطف بيان ولاريب في موضع نصب على الحال أي هذا الكتاب حقا أو غير ذى شك وإما أن يكون ذلك مبتدأ والكتاب خبره ولاريب حال، ويجوز أن يكون الكتاب عطف بيان ولاريب فيه الخبر، وريب مبنى على الأكثرين لأنه ركب مع لاوصير بمنزلة خمسة عشر، وعلة بنائه تضمنه معنى من، إذ التقدير لا من ريب، واحتيج إلى تقدير من لتدل لا على نفى الجنس.
ألا ترى أنك تقول: لا رجل في الدار، فتنفى الواحد وما زاد عليه، فإن قلت لا رجل في الدار فرفعت ونونت نفيت الواحد ولم تنف ما زاد عليه، إذ يجوز أن يكون فيها اثنان أو أكثر.
وقوله (فيه) فيه وجهان: أحدهما هو في موضع خبر لا ويتعلق بمحذوف تقريره: لا ريب كائن فيه، فيقف حينئذ على فيه.
والوجه الثاني: أن يكون لاريب آخر الكلام وخبره محذوف للعلم به، ثم تستأنف فتقول فيه هدى فيكون هدى مبتدأ
وفيه الخبر، وإن شئت كان هدى فاعلا مرفوعا بفيه ويتعلق " في " على الوجهين بفعل محذوف، وأما هدى فألفه منقلبة عن ياء لقولك هديت والهدى، وفى موضعه وجهان: أحدهما رفع إما مبتدأ أو فاعل على ما ذكرنا، وإما أن يكون خبر مبتدإ محذوف: أي هو هدى، وإما أن يكون خبرا لذلك بعد خبر.
والوجه الثاني: أن يكون في موضع نصب على الحال من الهاء في فيه: أي لاريب فيه هاديا فالمصدر في معنى اسم الفاعل، والعامل في الحال معنى الجملة تقديره: أحققه هاديا، ويجوز أن يكون العامل فيه معنى التنبيه والإشارة الحاصل من قوله ذلك.
قوله تعالى (للمتقين) اللام متعلقة بمحذوف تقديره كائن أو كائنا على ما ذكرناه من الوجهين في الهدى، ويجوز أن يتعلق اللام بنفس الهدى لأنه مصدر والمصدر يعمل عمل الفعل، وواحد المتقين متقى، وأصل الكلمة من وقى فعل، ففاؤها واو ولامها ياء، فإذا بنيت من ذلك افتعل قلبت الواو تاء وأدغمتها في التاء الأخرى فقلت اتقى، وكذلك في اسم الفاعل وما تصرف منه نحو متقى ومتقى ومتقى اسم ناقص، وياؤه التى هي لام محذوفة في الجمع لسكونها وسكون حرف الجمع بعدها كقولك: متقون ومتقين، ووزنه في الأصل مفتعلون، لأن أصله موتقيون فحذفت اللام لما ذكرنا فوزنه الآن مفتعون ومفتعين، وإنما حذفت اللام دون علامة الجمع لأن علامة الجمع دالة على معنى إذا حذفت لا يبقى على ذلك المعنى دليل، فكان إبقاؤها أولى.
Bogga 11
قوله تعالى (الذين يؤمنون) هو في موضع جر صفة المتقين، ويجوز أن يكون في موضع نصب إما على موضع للمتقين أو بإضمار أعنى، ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمارهم أو مبتدأ وخبره أولئك على هدى وأصل يؤمنون يؤمنون، لأنه من الأمن والماضي منه آمن فالألف بدل من همزة ساكنة قلبت ألفا كراهية اجتماع همزتين، ولم يحققوا الثانية في موضع ما لسكونها وانفتاح ما قبلها، ونظيره في الأسماء آدم آخر، فأما في المستقبل فلا تجمع بين الهمزتين اللتين هما الأصل، لأن ذلك يفضى بك في المتكلم إلى ثلاث همزات: الأولى همزة المضارعة، والثانية همزة أفعل التى في آمن، والثالثة الهمزة التى هي فاء الكلمة، فحذفوا الوسطى كما حذفوها في أكرم لئلا تجتمع الهمزات، وكان حذف الوسطى أولى من حذف الأولى لأنها حرف معنى، ومن حذف الثالثة لأن الثالثة فاء الكلمة والوسطى زائدة، وإذا أردت تبين ذلك فقل: إن آمن أربعة أحرف فهو مثل دحرج، فلو قلت أدحرج لأتيت بجميع ماكان في الماضي وزدت عليه همزة المتكلم، فمثله يجب أن يكون في أو من، فالباقي من الهمزات الأولى والواو التى بعدها مبدلة من الهمزة الساكنة التى هي فاء الكلمة والهمزة الوسطى هي المحذوفة وإنما قلبت الهمزة الساكنة واوا لسكونها وانضمام ما قبلها، فإذا قلت نؤمن وتؤمن ويؤمن جاز لك فيه وجهان: أحدهما الهمز على الأصل، والثانى قلب الهمزة واوا تخفيفا، وحذفت الهمزة الوسطى حملا على أو من والأصل يؤمن، فأما أؤمن فلا يجوز همز الثانية بحال لما ذكرناه، والغيب هنا مصدر بمعنى الفاعل: أي يؤمنون بالغائب عنهم، ويجوز أن يكون بمعنى المفعول: أي المغيب كقوله: هذا خلق الله: أي مخلوقه، ودرهم ضرب الأمير: أي مضروبه.
قوله عزوجل (ويقيمون) أصله يؤقومون: وماضيه أقام، وعينه واو لقولك فيه يقوم، فحذفت الهمزة كما حذفت في أقيم لاجتماع الهمزتين، وكذلك جميع ما فيه حرف مضارعة لئلا يختلف باب أفعال المضارعة، وأما الواو فعمل فيها ما عمل في نستعين، وقد ذكرناه، وألف الصلاة منقلبة عن واو لقولك: صلوات، والصلاة مصدر صلى ويراد بها هاهنا الأفعال والأقوال المخصوصة فلذلك جرت مجرى الأسماء غير المصادر.
قوله تعالى (ومما رزقناهم) من متعلقة بينفقون، والتقدير: وينفقون مما رزقناهم، فيكون الفعل قبل المفعول كما كان قوله يؤمنون ويقيمون كذلك، وإنما
أخر الفعل عن المفعول لتتوافق رءوس الآى، وما بمعنى الذى، ورزقنا يتعدى إلى مفعولين، وقد حذف الثاني منهما هنا وهو العائد على " ما " تقديره: رزقناهموه أو رزقناهم إياه، ويجوز أن تكون مانكرة موصولة بمعنى شئ، أي ومن مال رزقناهم فيكون رزقناهم في موضع جر صفة لما.
Bogga 12
وعلى القول الأول لا يكون له موضع، لأن الصلة لا موضع لها، ولا يجوز أن تكون ما مصدرية لأن الفعل لا ينفق، ومن للتبعيض، ويجوز أن تكون لابتداء غاية الإنفاق، وأصل ينفقون: يؤنفقون لأن ماضيه أنفق، وقد تقدم نظيره.
قوله تعالى (بما أنزل إليك) " ما " هاهنا بمعنى الذى، ولايجوز أن تكون نكرة موصوفة أي بشئ أنزل إليك، لأنه لا عموم فيه على هذا، ولا يكمل الإيمان إلا أن يكون بجميع ما أنزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وما للعموم، وبذلك يتحقق الإيمان.
والقراءة الجيدة بأنزل إليك، بتحقيق الهمزة، وقد قرئ في الشاذ أنزل إليك بتشديد اللام والوجه فيه أنه سكن لام أنزل وألقى عليها حركة الهمزة فانكسرت اللام وحذفت الهمزة فلقيتها لام إلى فصار اللفظ بما أنزل إليك فسكنت اللام الأولى وأدغمت في اللام الثانية، والكاف هنا ضمير المخاطب وهو النبي صلى الله عليه وسلم، ويجوز أن يكون ضمير الجنس المخاطب ويكون في معنى الجمع، وقد صرح به في آى أخر كقوله " لقد أنزلنا إليك كتابا فيه ذكركم ".
قوله تعالى (وبالآخرة) الباء متعلقة بيوقنون، ولا يمتنع أن يعمل الخبر فيما قبل المبتدإ، وهذا يدل على أن تقديم الخبر على المبتدإ جائز إذ المعمول لا يقع في موضع لا يقع فيه العامل، والآخر صفة والموصوف محذوف تقديره: وبالساعة الآخرة أو بالدار الآخرة كما قال " وللدار الآخرة خير " وقال " واليوم الآخر ".
قوله تعالى (هم يوقنون) هم مبتدأ ذكر على جهة التوكيد، ولو قال:
وبالآخرة يوقنون لصح المعنى والإعراب، ووجه التوكيد في هم تحقيق عود الضمير إلى المذكورين لا إلى غيرهم، ويوقنون الخبر، وأصله يؤيقنون، لأن ماضيه أيقن، والأصل أن يؤتى في المضارع بحروف الماضي، إلا أن الهمزة حذفت لما ذكرنا في يؤمنون وأبدلت الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها.
قوله تعالى (أولئك) هذه صيغة جمع على غير لفظ واحده، وواحده ذا، ويكون أولئك للمؤنث والمذكر، والكاف فيه حرف للخطاب وليست اسما إذ لو كانت اسما لكانت إما مرفوعة أو منصوبة، ولا يصح شئ منهما إذ لا رافع هنا ولا ناصب، وإما أن تكون مجرورة بالإضافة، وأولاء لا تصح إضافته لأنه مبهم، والمبهمات لا تضاف، فبقى أن تكون حرفا مجردا للخطاب، ويجوز مد أولاء وقصره في غير القرآن، وموضعه هنا رفع بالابتداء، و(على هدى) الخبر، وحرف الجر متعلق بمحذوف: أي أولئك ثابتون على هدى، ويجوز أن يكون أولئك خبر الذين يؤمنون بالغيب، وقد ذكر.
Bogga 13
فإن قيل: أصل " على " الاستعلاء، والهدى لا يستعلى عليه فكيف يصح معناها هاهنا ؟.
قيل: معنى الاستعلاء حاصل، لأن منزلتهم علت باتباع الهدى، ويجوز أن يكون لما كانت أفعالهم كلها على مقتضى الهدى كان تصرفهم بالهدى كتصرف الراكب بما يركبه.
قوله تعالى (من ربهم) في موضع جر صفة لهدى، ويتعلق الجار بمحذوف تقديره هدى كائن وفى الجار والمجرور ضمير يعود على الهدى، ويجوز كسر الهاء وضمها على ما ذكرنا في عليهم في الفاتحة.
قوله تعالى (وأولئك) مبتدأ و(هم) مبتدأ ثان و(المفلحون) خبر المبتدأ
الثاني، والثانى خبره خبر الأول، ويجوز أن يكون هم فصلا لا موضع له من الإعراب، والمفلحون خبر أولئك، والأصل في مفلح مؤفلح، ثم عمل فيه ما ذكرناه في يؤمنون.
قوله تعالى (سواء عليهم) رفع بالابتداء، وأأنذرتهم أم لم تنذرهم جملة في موضع الفاعل وسدت هذه الجملة مسد الخبر، والتقدير يستوى عندهم الإنذار وتركه، وهو كلام محمول على المعنى، ويجوز أن تكون هذه الجملة في موضع مبتدإ وسواء خبر مقدم، والجملة على القولين خبر أن، ولا يؤمنون لا موضع له على هذا ويجوز أن يكون سواء خبر أن ومابعده معمول له، ويجوز أن يكون لا يؤمنون خبر أن، وسواء عليهم ومابعده معترض بينهما، ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر وسواء مصدر واقع موقع اسم الفاعل وهو مستو، ومستو يعمل عمل يستوى، ومن أجل أنه مصدر لا يثني ولايجمع، والهمزة في سواء مبدلة من ياء لأن باب طويت وشويت أكثر من باب قوة وحوة فحمل على الأكثر.
Bogga 14
قوله تعالى (أأنذرتهم) قرأ بن محيصن بهمزة واحدة على لفظ الخبر، وهمزة الاستفهام مرادة ولكن حذفوها تخفيفا، وفى الكلام ما يدل عليها وهو قوله: أم لم، لأن أم تعادل الهمزة، وقرأ الأكثرون على لفظ الاستفهام ثم اختلفوا في كيفية النطق به، فحقق قوم الهمزتين ولم يفصلوا بينهما وهذا هو الأصل، إلا أن الجمع بين الهمزتين مستثقل لأن الهمزة نبرة تخرج من الصدر بكلفة فالنطق بها يشبه التهوع، فإذا اجتمعت همزتان كان أثقل على المتكلم، فمن هنا لايحققهما أكثر العرب، ومنهم من يحقق الأولى ويجعل الثانية بين بين: أي بين الهمزة والألف، وهذه في الحقيقة همزة ملينة وليست ألفا، ومنهم من يجعل الثانية ألفا صحيحا كما فعل ذلك في آدم وآمن، ومنهم من يلين الثانية ويفصل بينها وبين الأولى بالألف، ومنهم من يحقق الهمزتين
ويفصل بينهما بألف، ومن العرب من يبدل الأولى هاء ويحقق الثانية، ومنهم من يلين الثانية مع ذلك، ولايجوز أن يحقق الأولى ويجعل الثانية ألف صحيحا ويفصل بينهما بألف، لأن ذلك جمع بين ألفين، ودخلت همزة الاستفهام هنا للتسوية، وذلك شبيه بالاستفهام لإن المستفهم يستوى عنده الوجود والعدم، فكذلك يفعل من يريد التسوية، ويقع ذلك بعد سواء كهذه الآية، وبعد ليت شعرى كقولك: ليت شعرى أقام أم قعد، وبعد: لا أبالي، ولا أدري، وأم هذه هي المعادلة لهمزة الاستفهام، ولم ترد المستقبل إلى معنى المضى حتى يحسن معه أمس، فإن دخلت عليها إن الشرطية عاد الفعل إلى أصله من الاستقبال.
قوله تعالى (وعلى سمعهم) السمع في الأصل مصدر سمع، وفى تقديره هنا وجهان: أحدهما أنه استعمل مصدرا على أصله، وفى الكلام حذف تقديره على مواضع سمعهم لأن نفس السمع لا يختم عليه.
والثانى أن السمع هنااستعمل بمعنى السامعة وهى الأذن، كما قالوا الغيب بمعنى الغائب، والنجم بمعنى الناجم، واكتفى بالواحد هنا عن الجمع كما قال الشاعر: بها جيف الحسرى فأما عظامها * فبيض وأما جلدها فصليب يريد جلودها.
قوله تعالى (وعلى أبصارهم غشاوة) يقرأ بالرفع على أنه مبتدأ، وعلى أبصارهم خبره، وفى الجار على هذا ضمير، وعلى قول الأخفش غشاوة مرفوع بالجار كارتفاع الفاعل بالفعل، ولا ضمير في الجار على هذا لارتفاع الظاهرية، والوقف على هذه القراءة على " وعلى سمعهم "، ويقرأ بالنصب بفعل مضمر تقديره وجعل على أبصارهم غشاوة، ولايجوز أن ينتصب بختم لأنه لا يتعدى بنفسه، ويجوز كسر الغين وفتحها وفيها ثلاث لغات أخر، غشوة بغير ألف بفتح الغين وضمها وكسرها.
قوله تعالى (ولهم عذاب) مبتدأ وخبر أو فاعل عمل فيه الجار على ما ذكرنا قبل، وفى (عظيم) ضمير يرجع على العذاب لأنه صفته.
Bogga 15
قوله تعالى (ومن الناس) الواو دخلت هنا للعطف على قوله " الذين يؤمنون بالغيب " وذلك أن هذه الآيات استوعبت أقسام الناس، فالآيات الأول تضمنت ذكر المخلصين في الإيمان، وقوله (إن الذين كفروا) تضمن ذكر من أظهر الكفر وأبطنه، وهذه الآية تضمنت ذكر من أظهر الإيمان وأبطن الكفر، فمن هنا دخلت الواو لتبين أن المذكورين من تتمة الكلام الأول، ومن هنا للتبعيض، وفتحت نونها ولم تكسر لئلا تتوالى الكسرتان، وأصل الناس عند سيبويه أناس حذفت همزته وهى فاء الكلمة ، وجعلت الألف واللام كالعوض منها، فلا يكاد يستعمل الناس إلا بالألف واللام، ولا يكاد يستعمل أناس بالألف واللام، فالألف في الناس على هذا زائدة واشتقاقه من الإنس.
وقال غيره ليس في الكلمة حذف، والألف منقلبة عن واو وهى عين الكلمة، واشتقاقه من ناس ينوس نوسا إذا تحرك، وقالوا في تصغيره: نويس.
قوله (من يقول) من: في موضع رفع بالابتداء وما قبله الخبر، أو هو مرتفع بالجار قبله على ما تقدم، ومن هنا نكرة موصوفة، ويقول: صفة لها، ويضعف أن تكون بمعنى الذى، لأن الذى يتناول قوما بأعيانهم، والمعنى هاهنا على الإبهام والتقدير: ومن الناس فريق يقول، ومن موحدة للفظ، وتستعمل في التثنية والجمع والتأنيث بلفظ واحد، والضمير الراجع إليها يجوز أن يفرد حملا على لفظها، وأن يثنى ويجمع ويؤنث حملا على معناها، وقد جاء في هذه الآية على الوجهين، فالضمير في يقول مفرد، وفى آمنا وماهم جمع، والأصل في يقول: يقول بسكون القاف وضم الواو لأنه نظير يقعد ويقتل، ولم يأت إلا على ذلك، فنقلت ضمة الواو إلى القاف
ليخف اللفظ بالواو، ومن هاهنا إذا أمرت لم تحتج إلى الهمزة بل تقول قل، لأن فاء الكلمة قد تحركت فلم تحتج إلى همزة الوصل.
قوله تعالى (آمنا) أصل الألف همزة ساكنة، فقلبت ألفا لئلا تجتمع همزتان، وكان قلبها ألفا من أجل الفتحة قبلها، ووزن آمن أفعل من الأمن، و(الآخر) فاعل فالألف فيه غير مبدلة من شئ.
قوله (وماهم) " هم " ضمير منفصل مرفوع بما عند أهل الحجاز، ومبتدأ عند تميم والباء في الخبر زائدة للتوكيد غير متعلقة بشئ، وهكذا كل حرف جر زيد في المبتدإ أو الخبر أو الفاعل، وما تنفى " ما " في الحال، وقد تستعمل لنفى المستقبل.
Bogga 16
قوله تعالى (يخادعون الله) في الجملة وجهان: أحدهما لا موضع لها، والثانى موضعها نصب على الحال، وفى صاحب الحال والعامل فيها وجهان: أحدهما هي من الضمير في يقول، فيكون العامل فيها يقول، والتقدير: يقول آمنا مخادعين: والثانى هي حال من الضمير في قوله بمؤمنين، والعامل فيها اسم الفاعل، والتقدير: وماهم بمؤمنين في حال خداعهم، ولايجوز أن يكون في موضع جر على الصفة لمؤمنين، لأن ذلك يوجب نفى خداعهم، والمعنى على إثبات الخداع: ولايجوز أن تكون الجملة حالا من الضمير في آمنا، لأن آمنا محكى عنهم بيقول، فلو كان يخادعون حالا من الضمير في آمنا لكانت محكية أيضا، وهذا محال لوجهين: أحدهما أنهم ما قالوا آمنا وخادعنا.
والثانى أنه أخبر عنهم بقوله يخادعون، ولو كان منهم لكان نخادع بالنون، وفى الكلام حذف تقديره: يخادعون نبى الله، وقيل هو على ظاهره من غير حذف.
قوله عزوجل (وما يخادعون) وأكثر القراءة بالألف، وأصل المفاعلة أن تكون من اثنين، وهى على ذلك هنا لأنهم في خداعهم ينزلون أنفسهم منزلة أجنبي
يدور الخداع بينهما، فهم يخدعون أنفسهم وأنفسهم تخدعهم، وقيل المفاعلة هنا من واحد كقولك: سافر الرجل، وعاقبت اللص، ويقرأ، يخدعون بغير ألف مع فتح الياء، ويقرأ بضمها على أن يكون الفاعل للخدع الشيطان فكأنه قال: ومايخدعهم الشيطان (إلا أنفسهم) أي عن أنفسهم، وأنفسهم نصب بأنه مفعول وليس نصبه على الاستثناء، لأن الفعل لم يستوف مفعوله قبل إلا.
قوله تعالى (فزادهم الله) زاد يستعمل لازما كقولك: زاد الماء، ويستعمل متعديا إلى مفعولين كقولك زدته درهما، وعلى هذا جاء في الآية، ويجوز إمالة الزاى لأنها تكسر في قولك زدته، وهذا يجوز فيما عينه واو مثل خاف، إلا أنه أحسن فيما عينه ياء.
قوله تعالى (أليم) هو فعيل بمعنى مفعل لأنه من قولك آلم فهو مؤلم وجمعه الماء وألام مثل شريف وشرفاء وشراف.
قوله تعالى (بما كانوا يكذبون) هو في موضع رفع صفة لأليم، وتتعلق الباء بمحذوف تقديره أليم كائن بتكذيبهم أو مستحق وما هنا مصدرية، وصلتها يكذبون، وليست كان صلتها لأنها الناقصة، ولا تستعمل منها مصدر، ويكذبون في موضع نصب خبر كان، وما المصدرية حرف عند سيبويه واسم عند الأخفش: وعلى كلا القولين لا يعود عليها من صلتها شئ.
Bogga 17
قوله عزوجل (وإذا قيل لهم) إذا في موضع نصب على الظرف، والعامل فيها جوابها وهو قوله قالوا، وقال قوم: العامل فيها قيل، وهو خطأ لأنه في موضع جر بإضافة إذا إليه، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف وأصل قيل قول، فاستثقلت الكسرة على الواو فحذفت وكسرت القاف لتنقلب الواو ياء كما فعلوا في أدل وأحق، ومنهم من يقول: نقلوا كسرة الواو إلى القاف وهذا ضعيف، لأنك لا تنقل إليها
الحركة إلا بعد تقدير سكونها فيحتاج في هذا إلى حذف ضمة القاف وهذا عمل كثير، ويجوز إشمام القاف بالضمة مع بقاء الياء ساكنة تنبيها على الأصل، ومن العرب من يقول في مثل قيل وبيع: قول وبوع، ويسوى بين ذوات الواو والياء، قالوا: وتخرج على أصلها وما هو من الياء تقلب الياء فيه واوا لسكونها وانضمام ما قبلها، ولا يقرأ بذلك ما لم تثبت به رواية والمفعول القائم مقام الفاعل مصدر وهو القول وأضمر لأن الجملة بعده تفسره، والتقدير: وإذا قيل لهم قول هو لا تفسدوا ونظيره - ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه - أي بدا لهم بداء ورأى، وقيل لهم هو القائم مقام الفاعل وهو بعيد، لأن الكلام لايتم به، وما هو مما تفسره الجملة بعده، ولا يجوز أن يكون قوله: لا تفسدوا قائما مقام الفاعل، لأن الجملة لا تكون فاعلا فلا تقوم مقام الفاعل، ولهم في موضع نصب مفعول قيل.
قوله (في الأرض) الهمزة في الأرض أصل، وأصل الكلمة من الاتساع ومنه قولهم: أرضت القرحة إذا اتسعت، وقول من قال: سميت أرضا لأن الأقدام ترضها ليس بشئ، لأن الهمزة فيها أصل والرض ليس من هذا، ولا يجوز أن يكون في الأرض حالا من الضمير في تفسدوا، لأن ذلك لا يفيد شيئا وإنما هو ظرف متعلق بتفسدوا.
قوله (إنما نحن) " ما " ههنا كافة لإن عن العمل لأنها هيأتها للدخول على الاسم تارة وعلى الفعل أخرى، وهى إنما عملت لاختصاصها بالاسم، وتفيد " إنما " حصر الخبر فيما أسند إليه الخبر كقوله: إنما الله إله واحد، وتفيد في بعض المواضع اختصاص المذكور بالوصف المذكور دون غيره، كقولك: إنما زيد كريم، أي ليس فيه من الأوصاف التى تنسب إليه سوى الكرم، ومنه قوله تعالى (إنما أنا بشر مثلكم) لأنهم طلبوا منه ما لا يقدر عليه البشر، فأثبت لنفسه صفة البشر ونفى عنه ما عداها.
قوله: نحن: هو اسم مضمر منفصل مبنى على الضم، وإنما بنيت الضمائر لافتقارها إلى الظواهر التى ترجع إليها، فهى كالحروف في افتقارها إلى الأسماء، وحرك آخرها
Bogga 18
لئلا يجتمع ساكنان، وضمت النون لأن الكلمة ضمير مرفوع للمتكلم فأشبهت التاء في قمت، وقيل ضمت لأن موضعها رفع، وقيل النون تشبه الواو فحركت بما يجانس الواو، ونحن ضمير المتكلم ومن معه، وتكون للاثنين والجماعة، ويستعمله المتكلم الواحد العظيم، وهو في موضع رفع بالابتداء و(مصلحون) خبره.
قوله تعالى (ألا) هي حرف يفتتح به الكلام لتنبيه المخاطب، وقيل معناها حقا، وجوز هذا القائل أن تفتح أن بعدها كما تفتح بعد حقا، وهذا في غاية البعد.
قوله (هم المفسدون) هم مبتدأ والمفسدون خبره والجملة خبر إن، ويجوز أن تكون هم في موضع نصب توكيد لاسم إن، ويجوز أن يكون فصلا لا موضع لها، لأن الخبر هنا معرفة، ومثل هذا الضمير يفصل بين الخبر والصفة، فيعين ما بعده للخبر.
قوله تعالى (وإذا قيل لهم آمنوا) القائم مقام المفعول هو القول، ويفسره آمنوا لأن الأمر والنهى قول.
قوله (كما آمن الناس) الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف: أي إيمانا مثل إيمان الناس، ومثله - كما آمن السفهاء -.
قوله (السفهاء ألا إنهم) في هاتين الهمزتين أربعة أوجه: أحدها تحقيقهما وهو الأصل، والثانى تحقيق الأولى وقلب الثانية واوا خالصة فرارا من توالى الهمزتين وجعلت الثانية واوا لانضمام الأولى، والثالث تليين الأولى، وهو جعلها بين الهمزة وبين الواو وتحقيق الثانية، والرابع كذلك إلا أن الثانية واو، ولا يجوز جعل الثانية بين الهمزة والواو لأن ذلك تقريب من الألف، والألف لا يقع بعد الضمة والكسرة، وأجازه قوم.
قوله تعالى (لقوا الذين آمنوا) أصله لقيوا فأسكنت الياء لثقل الضمة عليها
ثم حذفت لسكونها وسكون الواو بعدها، وحركت القاف بالضم تبعا للواو، وقيل نقلت ضمة الياء إلى القاف بعد تسكينها ثم حذفت، وقرأ ابن السميقع: لاقوا بألف وفتح القاف وضم الواو، وإنما فتحت القاف وضمت الواو لما نذكره في قوله " اشتروا الضلالة ".
Bogga 19
قوله (خلوا إلى) يقرأ بتحقيق الهمزة وهو الأصل، ويقرأ بإلقاء حركة الهمزة على الواو وحذف الهمزة فتصير الواو مكسورة بكسرة الهمزة، وأصل خلوا خلووا فقلبت الواو الأولى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الألف لئلا يلتقى ساكنان، وبقيت الفتحة تدل على الألف المحذوفة.
قوله (إنا معكم) الأصل: إننا، فحذفت النون الوسطى على القول الصحيح، كما حذفت في إن إذا خففت، كقوله تعالى " وإن كل لما جميع " ومعكم ظرف قائم مقام الخبر، أي كائنون معكم.
قوله تعالى (مستهزءون) يقرأ بتحقيق الهمزة وهو الأصل، وبقلبها ياء مضمومة لانكسار ما قبلها، ومنهم من يحذف الياء لشبهها بالياء الأصلية في مثل قولك: يرمون، ويضم الزاى، وكذلك الخلاف في تليين همزة " يستهزئ بهم ".
قوله تعالى (يعمهون) هو حال من الهاء والميم في يمدهم وفى طغيانهم متعلق بيمدهم أيضا، وإن شئت بيعمهون، ولا يجوز أن تجعلهما حالين من يمدهم لأن العامل الواحد لا يعمل في حالين.
قوله تعالى (اشتروا الضلالة) الأصل اشتريوا فقلبت الياء ألفا ثم حذفت الألف لئلا يلتقى ساكنان الألف والواو.
فإن قلت: فالواو هنا متحركة.
قيل: حركتها عارضة فلم يعتد بها وفتحة الراء دليل على الألف المحذوفة، وقيل سكنت الياء لثقل الضمة عليها ثم حذفت لئلا يلتقى
ساكنان، وإنما حركت الواو بالضم دون غيره ليفرق بين واو الجمع والواو الأصلية في نحو قوله: لو استطعنا، وقيل ضمت لأن الضمة هنا أخف من الكسرة لأنها من جنس الواو، وقيل حركت بحركة الياء المحذوفة، وقيل ضمت لأنها ضمير فاعل، فهى مثل التاء في قمت، وقيل هي للجمع فهى مثل نحن، وقد همزها قوم شبهوها بالواو المضمومة ضما لازما نحو: أثؤب، ومنهم من يفتحها إيثارا للتخفيف، ومنهم من يكسرها على الأصل في التقاء الساكنين، ومنهم من يختلسها فيحذفها لالتقاء الساكنين، وهو ضعيف لأن قبلها فتحة، والفتحة لا تدل عليها.
قوله تعالى (مثلهم كمثل) ابتداء وخبر، والكاف يجوز أن يكون حرف جر فيتعلق بمحذوف، ويجوز أن يكون اسما بمعنى مثل فلا يتعلق بشئ.
قوله (الذى استوقد) الذى هاهنا مفرد في اللفظ، والمعنى على الجمع بدليل قوله " ذهب الله بنوركم " وما بعده، وفى وقوع المفرد هنا موقع الجمع وجهان: أحدهما هو جنس مثل: من وما: فيعود الضمير إليه تارة بلفظ المفرد، وتارة بلفظ الجمع، والثانى أنه أراد الذين، فحذفت النون لطول الكلام بالصلة، ومثله:
Bogga 20
" والذى جاء بالصدق وصدق به " ثم قال: أولئك هم المتقون، واستوقد بمعنى أوقد، مثل استقر بمعنى قر، وقيل استوقد استدعى الإيقاد.
قوله تعالى (فلما أضاءت) لما هنا اسم، وهى ظرف زمان، وكذا في كل موضع وقع بعدها الماضي، وكان لها جواب والعامل فيها جوابها مثل: إذا، وأضاءت متعد فيكون " ما " على هذا مفعولا به، وقيل أضاء لازم، يقال: ضاءت النار وأضاءت بمعنى، فعلى هذا يكون " ما " ظرفا، وفى " ما " ثلاثة أوجه: أحدها هي بمعنى الذى، والثانى هي نكرة موصوفة، أي مكانا حوله، والثالث هي زائدة.
قوله (ذهب الله بنورهم) الباء هنا معدية للفعل كتعدية الهمزة له، والتقدير أذهب الله نورهم، ومثله في القرآن كثير، وقد تأتى الباء في مثل هذا للحال كقولك ذهبت بزيد، أي ذهبت ومعى زيد.
قوله تعالى (وتركهم في ظلمات) تركهم هاهنا يتعدى إلى مفعولين لأن المعنى صيرهم، وليس المراد به الترك هو الإهمال، فعلى هذا يجوز أن يكون المفعول الثاني في ظلمات، فلا يتعلق الجار بمحذوف ويكون لا يبصرون حالا، ويجوز أن يكون لا يبصرون هو المفعول الثاني، وفى ظلمات ظرف يتعلق بتركهم أو بيبصرون، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يبصرون، أو من المفعول الأول.
قوله تعالى (صم بكم) الجمهور على الرفع على أنه خبر ابتداء محذوف: أي هم صم، وقرئ شاذا بالنصب على الحال من الضمير في يبصرون.
Bogga 21