في يده. وكان كئون يجر - في لهفة - أفيداماس من قدميه، كان يسحب شقيقه ابن أبيه، وهو ينادي جميع الشجعان من قومه. وبينما هو يجره خلال الحشد، طعنه «أجاممنون» برمية من رمحه المطلي بالبرونز، تحت درعه المزخرف، فأرخى أطرافه. ثم اقترب منه وحز رأسه، فرقد «أفيداماس» رقدته الأخيرة، وهكذا لقي ابنا أنتينور حتفهما على يدي الملك، ابن أتريوس وذهبا إلى بيت هاديس.
سار «أجاممنون» بمحاذاة صفوف المحاربين الآخرين، يحمل الرمح والسيف والأحجار الضخمة. وكان الدم ما زال يتدفق ساخنا من جرحه. وما إن جف الجرح، وامتنع تدفق الدم، حتى انتابت ابن أتريوس العتيد آلام مبرحة. وكما يحدث عندما يصيب السهم الحاد امرأة في المخاض، سهم «الإيليثواي»،
3
ربات ميلاد الأطفال، وبنات «هيرا»، اللائي يحتفظن بالأوجاع المريرة، هكذا حلت الآلام المبرحة على ابن أتريوس العتيد. فقفز إلى عربته وأمر سائقه بالتوجه صوب السفن الخاوية. إذ كان متألم الفؤاد. وأطلق صيحة مدوية، مناديا الدانيين بقوله: «أصدقائي، قادة وحكام الأرجوسيين، هل لكم أن تبعدوا الآن عن السفن - ماخرة العباب - وطيس المعركة الفظيع، لأن زوس المستشار لا يطيق مني مواصلة القتال طوال اليوم ضد الطرواديين.»
هكذا قال، فألهب السائق الجوادين الجميلي المعارف بالسوط، متجها نحو السفن الخاوية، ولم يمنع الجوادين شيء من الإسراع، وقد لطخ صدراهما بالزبد، كما كان بطناهما معفرين بالغبار الثائر تحتهما وهما يحملان الملك المجروح بعيدا عن ميدان المعركة. «ديوميديس» و«أديسيوس» يجرحان
وإذ رأى «هكتور» أن «أجاممنون» ينصرف، صاح في الطرواديين والليكيين صيحة مدوية قائلا: «أيها الطرواديون واللوكيون والداردانيون الذين يخوضون معركة حامية. كونوا رجالا يا أصدقائي وفكروا في الشجاعة الهوجاء، لقد مات خير الرجال ومنحني زوس بن كرونوس مجدا عظيما. فهيا، سوقوا جيادكم القوية الحوافر صوب الدانيين البواسل مباشرة، كي تفوزوا بمجد النصر!»
وما إن قال هذا، حتى أيقظ حماس وروح كل رجل. وكما يحدث عندما يطلق الصياد كلابه البيض الأنياب على خنزير بري أو ليث، فقد أطلق هكتور بن بريام - نظير أريس، مهلك البشر - الطرواديين العظيمي الهمم على الآخيين. وسار هو نفسه بقلب جريء وسط صفوف المقدمة، واقتحم المعركة كأنه الإعصار الجائح الذي ينقض فيهيج البحر البنفسجي اللون.
فمن تراه كان أول القتلى إذ ذاك، ومن آخر من قتل على يدي هكتور بن بريام، عندما منحه زوس المجد؟ لقد قتل - أولا «أسايوس»، و«أوتونوس» و«أوبيتيس»، و«دولوبس بن كلوتيوس»، و«أوفيلتيوس» و«أجيلاوس» و«أيسومنوس» و«أوروس» و«هيبونوس» الجريء في القتال. هؤلاء القادة الدانيون قتلهم هكتور، ثم هجم على الحشد. وكما يحدث عندما تدفع الريح الغربية سحب الريح الجنوبية البيضاء، وهي تصفعها بعاصفة هوجاء، وأمواج كثيرة شاهقة تتدحرج إلى الأمام، فيتناثر الرشاش عاليا أمام هبة الريح الهائمة، هكذا خرت رءوس كثيرة من الجيش على يد هكتور.
وإذ حل الخراب، وتمت أعمال لا سبيل إلى إصلاحها، كاد الآخيون يقذفون بأنفسهم فوق سفنهم وهم يفرون، لولا أن «أوديسيوس» صاح في ديوميديس بن توديوس، قائلا: «ما هذا، يا ابن توديوس، ماذا حدث لنا حتى ننسى شجاعتنا الفياضة؟ ألا تعال أيها الصديق الكريم، فقف إلى جانبي، فمن العار أن يستولي هكتور ذو الخوذة البراقة على السفن.»
عندئذ رد عليه «ديوميديس» العتيد بقوله: «ولا شك في أنني سأصمد وأتحمل، غير أن ربحنا لن يكون إلا لفترة قصيرة؛ لأن زوس - جامع السحب - يعتزم بجلاء أن يعطي النصر للطرواديين، بدلا من أن يهبنا إياه!»
Bog aan la aqoon