223

Ijaz Fi Sharh Sunan Abi Dawud

الإيجاز في شرح سنن أبي داود السجستاني رحمه الله تعالى

Daabacaha

الدار الأثرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Goobta Daabacaadda

عمان - الأردن

Noocyada

Hadith
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أحدهما: أن يعتقدوا فيه الاختصاص، وأن مرتبة النبوة يسع فيها ذلك كله؛ للقطع بوجود ما التمسوه من البركة والخير؛ لأنه ﵇ كان نورًا كله في ظاهره وباطنه (أ)، فمن التمس منه نورًا؛ وجده على أي وجهة التمسه، بخلاف غيره من الأمّة؛ فإنه -وإن حصل له من نور الاقتداء به والاهتداء بهديه ما شاء الله- لا يبلغ مَبْلَغَه على حال، ولا يوازيه في مرتبته، ولا يُقاربه، فصار هذا النوعُ مختصًّا به؛ كاختصاصه بنكاح ما زاد على الأربع، وإحلال بُضْعِ الواهبة نَفْسَها له، وعدم وجوب القَسْم على الزوجات، وشبه ذلك.
فعلى هذا المأخذ؛ لا يصحُّ لمن بعده الاقتداء به في التبرك على أحد تلك الوجوه ونحوها، ومن اقتدى به كان اقتداؤه بدعة، كما كان الاقتداء به في الزيادة على أربع نسوة بدعة.
والثاني: أن لا يعتقدوا الاختصاص، ولكنهم تركوا ذلك من باب الذرائع؛ خوفًا من أن يُجعلى ذلك سُنَةً؛ كما تقدَم ذِكْرُه في اتباع الآثار والنهي عن ذلك، أو لأن العامة لا تقتصر في ذلك على حد، بل تتجاوز فيه الحدود، وتبالغ بجهلها في التماس البركة، حتى يداخلها للمتبرِّك به تعظيمٌ يُخرج به عن الحد، فربما اعتقدت في المتبرَّك به ما ليس فيه، وهذا التبرُك هو أصل العبادة، ولأجله قطع عمر بن الخطاب ﵁ الشجرة التي بويع تحتها رسول الله ﷺ، بل هو كان أصل عبادة الأوثان في الأمم الخالية -حسبما ذكره أهل السير (ب) -، فخاف عمر ﵁ أن يتمادى الحال في الصلاة إلى تلك الشجرة حتى تُعْبَد من دون الله، فكذلك يتَّفق عند التوغل في التعظيم.
ولقد حكى الفَرْغَاني مُذَيِّلُ "تاريخ الطبري" عن الحلاج: أن أصحابه بالغوا في التبرك به (ج)، حتى كانوا يتمسحون ببوله، ويتبخرون بعَذِرَتهِ، حتى ادَعَوْا =

(أ) هذا في هديه وسنته ﷺ، وأما من اعتقد أنه خلق من نور؛ فباطل، ومستنده واهٍ.
(ب) هذا ثابت في "صحيح البخاري" (كتاب التفسير، باب ﴿وَدًّا وَلَا سُواعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعوقَ﴾، رقم (٤٩٢٠).
(ج) وهذا شأن الصوفية قديمًا وحديثًا، وما ذكر الفرغاني مشهور من أمر الحلاج، وذكره ابن زنجي في "ذكر مقتل الحلاج" (ص ٥٨ - ٦٠) وغيره.

1 / 228