صحيح، وإرادة صحيحةٌ، وقد أمر الله سبحانه بابتلائه واختباره في تصرفاته (^١)، وقد نَفَّذ عمر بن الخطاب وصيته (^٢)، واعتبر النبيُّ ﷺ قصدَه واختياره في التخيير بين أبويه (^٣).
فالغضبانُ الشديدُ الغضب، الذي قد أُغْلِقَ عليه بابُ القصدِ والعلمِ أولى بعدم وقوع طلاقه من هذا بلا ريب.
فإن قيل: الغضبانُ مكلَّفٌ، وهذا غير مكلَّفٍ؛ لأن القلم مرفوعٌ عنه.
قيل: نَعَمْ، الأمرُ كذلك، ولكنْ لا يلزم من كونه مكلَّفًا أن يترتَّب الحكم على مجرَّد لفظه، كما تقدَّم. كيفَ، والمكرهُ مكلفٌ ولا يصح طلاقُه، والسكرانُ مكلف، والمريضُ مكلف؟!، فلا يلزم من كون العبد مكلَّفًا أن لا يَعْرِضَ له حالٌ يَمْنَعُ إعتبارَ أقواله، ونقضَ
_________
(^١) في قوله تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى ...﴾ [النساء: ٦].
وانظر: "أحكام أهل الذمة" (٢/ ٩٠٤).
(^٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٣١٠ - ٣١١)، وابن أبي شيبة (١١/ ١٨٣)، وعبد الرزاق (٩/ ٧٨)، والبيهقي في "الكبرى" (٦/ ٢٨٢)، وقال: "والخبر منقطع، فعمرو بن سليم الزرقي لم يدرك عمر ﵁، إلّا أنه ذكر في الخبر انتسابه إلى صاحب القصة، والله أعلم".
وتعقّبه ابن التركماني في "الجوهر النقي" بأن لقاء عمرو بن سليم بعمر ممكن، فيحمل على الاتصال.
(^٣) وقد ساق المؤلف ﵀ الأحاديث الواردة في تخييره بين أبويه في كتابه "زاد المعاد" [(٥/ ٤٣٢ - ٤٩٠)] في ذكر حُكم رسول الله ﷺ في الولد، مَنْ أحقُّ به في الحضانة، مع شرح أحكامها وفقهها، فراجعه. (القاسمي).
1 / 58