فيَسْتَدْعِي دليلًا شرعيًّا، والدليلُ إما كتابٌ، أو سنةٌ، أو إجماعٌ، أو قياسٌ يستوي فيه حكم الأصل والفرع، وليس شيءٌ منها موجودًا في مسألتنا.
وإنْ شئتَ قلتَ: الدليلُ إمَّا نصٌّ وإمَّا معقولُ نصٍّ، وكلاهما منتفٍ. وإن شئتَ قلتَ: لو ثبت الوقوعُ لزم وجودُ دليلهِ، واللازمُ مُنْتَفٍ، فالملزوم مثلُه.
الوجه الثاني والعشرون: أن نكاح هذا مثبتٌ بالإجماع، فلا يزول إلا بإجماعٍ مثلهِ. وإن شئت قلتَ: نكاحُه قبل صُدورِ هذا اللفظ منه ثابتٌ بإجماعٍ، والأصلُ بقاؤه حتى يَثْبُتَ ما يرفعُه.
الوجه الثالث والعشرون: أن جمهور العلماء يقولون: إن طلاق الصبيِّ المميِّزِ العاقلِ لا يَنْفُذُ ولا يَصِحُّ. هذا قولٌ أبي حنيفة (^١)، ومالك (^٢)، والشافعي (^٣)، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد اختارها الشيخ أبو محمد (^٤)، وهو قول إسحاق (^٥).
مع كونه عارفًا باللفظ وموجبه بكلماتِه اختيارًا وقصدًا، وله قصدٌ
_________
(^١) انظر: "المبسوط" (٦/ ٥٣).
(^٢) انظر: "المدونة" (٢/ ٧٩، ٨٣، ٣٠٩)، و"النوادر والزيادات" (٥/ ٩٤).
(^٣) انظر: "الأم" (٦/ ٥٥٧).
(^٤) "المغني" (١٠/ ٣٤٨ - ٣٥٠).
(^٥) انظر: "الإشراف" لابن المنذر (٤/ ١٩٠)، و"مسائل إسحاق بن منصور الكوسج لأحمد وإسحاق" (رقم ٩٥٩، ١٣٣٠).
وفي ظاهر المنقول عن إسحاق تعارضٌ، وليس كذلك عند التأمُّل.
1 / 57