250

قلنا: لاشك أن إمامة الحسن قبل أخيه الحسين بالإجماع، فدل الإجماع على الترتيب كما دل على عدم استحقاقهما للأمر في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن الخلق كلهم كانوا منقادين لأمره وفي زمان علي عليه السلام لانقيادهم لأمره أيضا، فبقي ماعدا هذه الأزمنة داخلا تحت النص فلو لم نقل بإمامتهما عليهما السلام لأجل الخبر لبطلت فائدة الخبر وذلك لا يجوز، فأما (ما قاله) الخوارج وغيرهم من القدح في إمامة الحسن لما هادن معاوية وأنه سلم إليه الإمامة فتلك مقالة باطلة لأن إمامته ثابتة بالنص فلا يصح الخروج عنها ولا يسلم الأمر لمعاوية بحيث يكون معاوية إماما ويخرج عنها فإن شيئا من ذلك لا يجوز لا الخروج من الإمامة ولا كون معاوية إماما، وقد قال تعالى{لا ينال عهدي الظالمين}(البقرة:124) وإنما الذي كان من الحسن عليه السلام كف الحرب مع بقائه على إمامته واعتقاد ذلك واعتقاد كون معاوية على الباطل وأنه غير إمام وسبب الهدنة أن الحسن قدم عبيدالله بن العباس لحرب معاوية فأرسل إليه معاوية وقال: إن الحسن قد صالح وخدع عبيدالله بن العباس بذلك فأرسل عبيدالله بن العباس إلى معاوية يطلب منه الأمان لأجل الخديعة التي دسها إليه معاوية فاضطرب عسكر الحسن بن علي عليه السلام لأجل ذلك، وحدث على الحسن عليه السلام من الخوارج ما هو معلوم من الانتهاب وطعن عليه السلام في فخذه، فلما رأى ذلك اضطر إلى صلح معاوية للوهن الذي لحق أصحابه وقلة ثقته بهم فاستحسن المهادنة لعدم الأنصار وضعف عزائم من معه، والإمام يجوز له مصالحة الكفار والبغاة وغيرهم عند عدم الأنصار ولا حرج في ذلك، وروي أن الحسين عليه السلام قال لأخيه الحسن عليه السلام عند صلح معاوية: أجاد أنت فيما أرى من موادعة معاوية، فقال: نعم، فقال الحسين: إنا لله وإنا إليه راجعون، لو لم نكن إلا في ألف لكان ينبغي لنا أن نقاتل على حقنا حتى يترك أو الموت وقد أعذرنا. قال الحسن: وكيف لنا بألف من المسلمين إني أذكرك الله يا أخي أن لا ترد الأمر علي أو تفسد علي ما أريد فوالله ما آلوك ونفسي وأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم نصحا غير أنك ترى ما نقاسي من الناس وما كان أبوك يقاسي منهم حتى كان يرغب إلى الله تعالى في فراقهم صباحا ومساء، وإنا اليوم (لعدم الأنصار) في سعة وعذر.

المسألة التاسعة والعشرون ((أن الإمام بعد الحسن أخوه الحسين)

عليهما السلام))

لما ذكرنا من الإجماع على الترتيب بعد ورود الدليل الدال على إمامتهما، والقول بإمامته عليه السلام بعد أخيه الحسن عليه السلام هو مذهب الزيدية والإمامية والمعتزلة. والخلاف في ذلك مع الخوارج: فإنهم ينكرون إمامته عليه السلام كأخيه الحسن بن علي عليه السلام على مامر، وعند الحشوية اليزيدية أن يزيد بن معاوية هو الإمام وأن الحسين خارج عليه يجوز قتله.

قلت: قاتلهم الله لقد تسموا بالإسلام لفظا لا معنى.

Bogga 301