Idaah Fi Sharaxa Misbaax
كتاب الإيضاح في شرح المصباح
Noocyada
قلت: وقد ذكر الهادي عليه السلام ما يدل على ذلك لأنه قال وقد سأله الرازي كيف يأخذ جبريل الوحي؟ وكيف يعلمه؟ وكيف السبيل فيه حتى يفهمه؟ فقال الهادي عليه السلام: اعلم هداك الله أن القول فيه عندنا كما قد روي فيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه سأل جبريل عليه السلام عن ذلك فقال آخذه من ملك فوقي ويأخذه الملك من ملك فوقه فقال صلى الله علي وآله وسلم كيف يأخذه ذلك الملك ويعلمه فقال جبريل عليه السلام يلقى في قلبه إلقاء ويلهمه إلهاما، قال الهادي عليه السلام وكذلك هو عندنا أنه يلهمه الملك الأعلى إلهاما فيكون ذلك الإلهام من الله وحيا كما ألهم الله تبارك وتعالى النحل لما تحتاج وعرفها سبيلها. قلت: وفي رواية صححها الدواري أن الملك الأعلى يأخذه من اللوح المحفوظ والقلم يكتبه بأمر الله له وهذه الرواية معارضة لرواية الهادي عليه السلام، ويقع من كلام أئمتنا عليهم السلام عدم صحة القول بإثبات القلم واللوح وهذه الكيفية تجري في سائر الكتب.وفي الثعلبي: أن الله تعالى أودع جميع ما أنزل من الكتب في هذه الكتب الأربعة المتأخرة ثم أودع ما في التوراة والإنجيل والزبور في القرآن ثم أودع ما في القرآن من العلوم المفصل ثم أودع علوم المفصل الفاتحة، وفي الأثر عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه يتمكن من تفسيرها بما يكتب في أوراق توقر سبعين بعيرا، وكانت صحف إبراهيم عليه السلام أمثالا مضروبة وعبرا منها: أيها الملك المسلط إني لم أبعثك لجمع الدنيا بعضها إلى بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، وفيها: وعلى العاقل أن يكون له أربع ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر في صنع الله وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب ونحو ذلك، وكانت صحف موسى عليه السلام عبرا منها: عجبا لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح وعجبا لمن أيقن بالقدر ثم ينصب وعجبا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها، إلى نحو ذلك فرع: القرآن كله عربي وقال قوم منهم بن الحاجب وابن عباس وعكرمة والباقلاني فيه رومي وهو القسطاس، وفارسي وهو سجيل، ومشكاة للطاقة الغير النافذة فإنها هندية وهذا لا يصح عندنا بل هي عربية طابقت لغة الروم والفرس والهند لقوله تعالى{بلسان عربي مبين}(الشعراء:195) وقوله تعالى{قرآنا عربيا}(الزمر:28).
واعلم أن نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس هو على النحو المرسوم في المصحف في السور والآيات بل من السور ما هو متأخر في كتابة المصحف وهو متقدم في النزول وكذلك الآيات وإنما كان تسوير السور وترتيبها وترتيب الآيات بتوقيف من النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمرهم بوضع الآيات مواضعها وإن نزل منها شيء بعد شيء وكان يأمر في السور كذلك، رتبه صلى الله عليه وآله وسلم في حياته، كذلك قال الدواري:ما خلى سورة التوبة فمات صلى الله عليه وآله وسلم ولم يبين موضعها وكانت قصتها (تشبهة بقصة) الأنفال فقرنت إليها.
قلت: في عموم كلام لإمامنا أيده الله تعالى ذكره في بعض جواباته ما يشعر بنفي التخصيص وما يقوله المفسرون هكذا ذكر في المصحف والأثر يعنون بذلك مصحف عثمان وما نسخ عليه ولم يخالفه في رسم ولا قراءة وفيه ما يخالف اصطلاح النحاة، والسبب في نسبته إلى عثمان أن الصحابة كثر اختلافهم في المصاحف في ولاية عثمان.
Bogga 197