150

قلت: والعوض من المصلحة التي يعلمها الله تعالى فإن كان إنزال الألم له فهو يفعله قطعا لا أنه واجب عليه، وعلى هذا فالاعتبار والعوض غير معتبرين في إنزال الآلام خلافا لما في الكتاب وهو الذي اعتمده المهدي (عليه السلام) وجمهور البصرية، وإن كان الثاني فلا يخلو إما أن يكون الذي نزل به الألم مؤمنا أو غير مؤمن، إن كان مؤمنا حسن إيلامه لاعتبار نفسه فقط إذ هو نفع كالتأديب ولتحصيل سبب الثواب فقط وهو الصبر عليه والرضى به لأن ذلك عمل لا حصر للثواب عليه كما قال تعالى{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}(الزمر:10) ولحط الصغائر عنه وفاقا للزمخشري إذ هو دفع ضرر كالفصد، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم(من وعك ليلة كفر الله عنه ذنوب سنة) هذا لفظ الحديث أو معناه. وفي نهج البلاغة لأمير المؤمنين عليه السلام الآلام تحط الأوزار وتحتها كما تحت أوراق الشجر أو كما قال، وكقوله عليه السلام جعل الله ما تجد من شكواك حطا لسيئاتك أو كما قال، والأدلة السمعية في ذلك متواترة معنى ولمصلحة له يعلمها كما مر في إيلام غير المكلف ولمجموعها لجميع ما مر من الأدلة، ويمكن أن يكون إيلام من قد كفر الله عنه جميع سيئاته كالأنبياء (عليهم السلام) تعريضا للصبر والرضى إذ هو حسن كالتأديب، وأما إذا كان غير مؤمن بل صاحب كبيرة فإيلامه إما لتعجيل عقوبة فقط وقيل لا عقاب قبل الموافاة.

Bogga 179