شرح فساد هذا القول. أما قوله: إن الأوقات إنما تذكر ليُدل بها على ترتيب كون الحوادث في تقديم المتقدم منها وتأخير المتأخر والمقدار الذي بينهما واقتران ما يقترن وجوده بغيره، فكلامه صحيح لا مطعن عليه. وأما تشبيه ذلك بآية فمغالطة، لأنه إذا قال: إذا أذّن المؤذن فائتني، فوقت الإتيان غير وقتع الأذان، وإن كان علمًا له، يستدل (به) على لزوم الإتيان له. وإذا قال: بآية يقوم، فقد زعم أنه جعل يقوم وقتًا لما يريده، وهذا غلط، لأن الفعل لا يكون وقتًا بل يحتاج إلى وقت فيكون فيه. وهذا بيّن الإحالة. ومع ذلك فإنك إذا قلت له: افعل ذلك بآية يقوم، فإنك تأمره بفعل يحدثه، وتذكرّه علامة بينك وبينه، وليس مثل قولك هذا يوم يقوم زيد. وأما قوله: وجاز إضافة الآية إلى الفعل كإضافة الوقت لأنهما يؤولان إلى شيء واحد. فليس بشيء لأن الوقت يضاف إلى الفعل طلبًا للمصدر. فناب الفعل عن مصدره بدلالته عليه. والآية عنده - كما زعم - تضاف إلى الفعل والمعنى أن الفعل وقت لما أراده. وهذا مقلوب غير متسق ولا منتظم.
وأما القول الصحيح في آية عندي فهو أن إضافتها إلى الفعل غير جائزة ولا صحيحة، لأنها ليست بوقت فتدخل في جملة أسماء الزمان، وقد مضى ذكر عللها. ولا هي متعلقة من الفعل بشيء. ولا فرق بين آية وسائر الأسماء في ذلك.
(فأما قول) الشاعر:
(الا أبلغ لديك بني تميمٍ ... بآية ما تحبّون الطَّعاما)
فليست هذه إضافة صحيحة إلى الفعل، وإنما هي إلى المصدر، لأن (ما) بتأويل المصدر، فكأنه قال بآية محبتهم الطعام. كما تقول أعجبني ما صنعت
1 / 116