Qirashada Wiilka Casriga

Filiks Faris d. 1358 AH
156

Qirashada Wiilka Casriga

اعترافات فتى العصر

Noocyada

وأردفت بابتسامة مرة: سنلتقي بمأمن من كل خطر لأول غرام يحتل قلبك بعد غرامي. - لا، يا صديقتي. ثقي بأنني لن أراك دون أن يثور بي كامن غرامي. قدر الله أن يكون الرجل الذي أتخلى له عنك أهلا لك . إن سميث فتى صالح وطيب القلب، ولكن مهما بلغ حبك له فسوف لا تنقطعين عن حبي. ولو أنني أقرر الآن بقاءك معي هنا أو اللحاق بي لما كنت تترددين في اتباع ما أريد. - ما أصدق ما تقول! - أصحيح هذا؟! أتلحقين بي إذا أنا دعوتك؟

ولكنه بعد أن هتف بهذه الكلمات من أعماق قلبه، استطرد على مهل: من أجل هذه المطاوعة يجب ألا نلتقي أبدا. إن من الحب في هذه الحياة ما يبلبل الرأس والحس، وما يزعزع العقل والقلب، وليس غير نوع واحد من الحب يختفي في الروح دون أن يعكر صفوها؛ لأنه ينشأ منها ولا يموت إلا بانطلاقها. - وهل ستحرمني من مراسلتك يا أوكتاف؟ - لا، سأكتب إليك مدة من الزمن؛ لأن ما سأواجهه من عذاب في بادئ الأمر سيقتلني لا محالة إذا أنا حرمت نفسي من كل تعزية. لقد اقتربت منك على مهل وبكل حذر حتى عرفتني، وحتى ... لا، لندع الماضي، ولسوف تنقطع رسائلي عنك رويدا رويدا، وهكذا سأنحدر على مهل من الذروة إلى رقيتها منذ سنة، ولقد يكون لهذه الرجعة الحزينة روعتها.

وإذا ما رجعت بالذكرى إلى الأيام التي كنت حيا فيها، فلأقفن أمامها وقفة المتأمل في قبر عقدت الخضرة والأزهار فوقه قبابا تظلل اسمين لراحلين عزيزين يرقدان فيه، فأشعر بحزن مفعم بالأسرار، وأريق دمعة الأسى حلوة لا مرارة فيها.

وارتمت المرأة عند سماعها هذه الكلمات على مقعد معولة باكية، وبكى الشاب معها، ولكنه بقي دون حراك كأنه ينكر على نفسه لوعتها، وعندما جفت مآقيه تقدم إلى صديقته وقبل أناملها على مهل وقال: صدقيني، إن من يشعر بحبك له مهما كانت العاطفة التي تشملينه بها إنما يستمد من هذا الشعور قوة وإقداما. لا يداخلك ريب يا بريجيت في هذه الحقيقة، وهي أنه لن يفهمك أحد كما فهمتك أنا، ولعل سواي يبذل لك من الحب ما أنت أهل له، ولكن لن يصل أحد بحبه لك إلى الأعماق التي أحببتك منها. سيداري سواي ما أهنت فيك من الصفات فيحوطك بغرامه ، ستجدين عاشقا أفضل مني، ولكنك لن تجدي لك أخا مثلي.

هاتي يدك ودعي الناس يهزءون من كلمة أقولها وهم لا يفهمونها: «لنبق صديقين، وليستودع كل منها الله رفيقه إلى الأبد.»

عندما تعانقنا لأول مرة كان في كل منا ذات خفية أدركت أننا سنتحد، فلندع هذه الذات الخفية وقد اتحدت مني ومنك أمام الله جاهلة افتراقنا على الأرض، فلا تقوى ساعة خلاف تافه من الزمان على حل اتحادنا في السعادة التي لا تزول.

وكان لم يزل قابضا على يدها فنهضت وهي تشرق بدمعها، وتقدمت نحو المرآة بابتسامة غريبة، وأخذت مقرضها من حقيبتها، وقطعت خصلة طويلة من شعرها، ثم نظرت إلى وجهها مليا بعد أن شوهته بحرمانه قطعة من تاجه، وتقدمت بهذه القطعة إلى عاشقها.

وضربت الساعة ثانية فخرجا عائدين من الحديقة وعلى وجهيهما علامات الرضى التي كانت تلوح عليهما وهما قادمان إليها.

وقال الشاب: ما أجمل هذه الشمس!

فقالت المرأة: إنه نهار جميل لن يمحى أثره من هنا، وضربت بشدة على صدرها.

Bog aan la aqoon