(فصل) وأما ما ظهر منه صلوات الله عليه وآله عقيب البعث وإظهار النبوة من الآيات والمعجزات فضربان:
أحدهما: هذا القران الذي أنزله الله سبحانه عليه وأيده به.
والاخر: غيره من المعجزات.
فوجه الاستدلال من القران: أن كل عاقل سمع، الأخبار وخالط أهلها قد علم ظهور نبينا عليه واله السلام وادعاءه الرسالة من الله إلينا، وأنه تحدق العرب بهذا القرآن الذي ظهر على يده وادعى انه اختصه الله به، وان العرب مع تطاول الأزمان لم يعارضوه، إذا ثبت ما ذكرناه، وعلمنا أنهم إنما لم يعارضوه لتعذر المعارضة عليهم فهذا التعذر معجز خارق للعادة.
فأما الذي يدل على أنه عليه السلام تحدى بالقران فهو أن المراد بالتحدي أنه كان يدعي أن جبرئيل يهبط عليه بذلك، وأن الله سبحانه قد أبانه به، وهذا معلوم ضرورة وهو غاية التحدي في المعنى.
وأيضا: فإن آيات القران صريحة في التحدي وهي قوله تعالى: ﴿فأتوا بعشر سور مثله﴾ (1) وفي موضع آخر: (فأتوا بسورة من مثله) (3).
وأما الذي يدل على انتفاء المعارضة منهم فهو أنه لو وقعت المعارضة لوجب ظهورها ونقلها، فإذا لم تنقل وجب القطع على انتفائها، وإنما قلنا ذلك لأن جميع ما يقتضي نقل القران من قوة الدواعي وشدة الحاجة وقرب العهد ثابت في المعارضة، بل المعارضة تزيد عليه، لأنها كانت تكون
Bogga 70