وأقدم منزلة عند الخلفاء ، وكان سيف الدولة كثير التأديب معه ، وجرت بينهما يوما وحشة فكتب إليه سيف الدولة :
لست أجفو وإن جفوت ولا
أترك حقا على كل حال *
وقال الحسن بن خالويه النحوي : دخلت يوما على سيف الدولة ، فلما مثلت بين يديه قال لي : اقعد ولم يقل اجلس ، فعلمت بذلك معرفته بعلم الأدب ، وذلك أن المختار أن يقول للقائم اقعد وللنائم أو الساجد اجلس. لأن القعود الانتقال من علو إلى أسفل ، ولذلك يقال لمن أصيب برجله مقعد ، والجلوس الانتقال من سفر إلى علو ولذلك قيل اسجد.
وذكر ابن عشائر قال : كان سيف الدولة إذا أكل الطعام وقف على مائدته أربعة وعشرون طبيبا ، وكان فيهم من يأخذ رزقين لأجل تعاطيه علمين ، ومنهم من يأخذ ثلاثة لتعاطيه ثلاثة علوم.
وقال الذهبي : توفي سيف الدولة وتولى أمره القاضي أبو الهيثم بن أبي حصين وغسله عبد الرحمن بن سهل المالكي قاضي الكوفة ، وغسله بالسدر ثم بالصندل ثم بالدريرة ثم بالصبر والكافور ثم بماء الورد ثم بالماء ، ونشف بثوب دبيقي يساوي نيفا وخمسين دينارا أخذه الغاسل وجميع ما عليه وصبره بصبر ومر وكافور ، وجعل على وجهه أبخرة مائة مثقال غالية ، وكفن في سبعة أثواب تساوي ألف دينار ، وجعل في التابوت مضربة ومخدتان اه. وقد تقدم أنه حمل إلى ميافارقين ودفن فيها رحمه الله تعالى.
وفي هامش تاريخ ابن مسكويه في حوادث سنة 356 نقلا عن صاحب التكملة ما نصه : حكي أن سيف الدولة لما ورد إلى بغداد وقت تورون اجتاز وهو راكب فرسه وبيده رمحه وبين يديه عبد صغير له ، وقصد الفرجة وأن لا يعرف ، فاجتاز بشارع دار الرقيق على دور بني خاقان وفيها فتيان ، فدخل وسمع وشرب معهم وهم لا يعرفونه وخدموه ، ثم استدعى عند خروجه الدواة فكتب رقعة وتركها فيها ، ثم انصرف ، ففتحوا الدواة فإذا في
لست أجفو وإن جفوت ولا أترك حقا علي في كل حال
Bogga 257