181

الرملة إلى خمارويه فأتاه الخبر بوصول خمارويه إلى عساكره وكثرة من معه من الجموع ، فهم بالعود فلم يمكنه من معه من أصحاب خمارويه الذين صاروا معه ، وكان المعتضد قد أوحش ابن كنداجيق وابن أبي الساج ونسبهما إلى الجبن حيث انتظراه ليصل إليهما ففسدت نياتهما معه ، ولما وصل خمارويه إلى الرملة نزل على الماء الذي عليه الطواحين فملكه فنسبت الوقعة إليه ، ووصل المعتضد وقد عبى أصحابه وكذلك أيضا فعل خمارويه وجعل لهم كمينا عليهم سعيد الأيسر ، وحملت مسيرة المعتضد على ميمنة خمارويه فانهزمت ، فلما رأى ذلك خمارويه ولم يكن رأى مصافا قبله ولى منهزما في نفر من الأحداث الذي لا علم لهم بالحرب ولم يقف دون مصر ، ونزل المعتضد إلى خيام خمارويه وهو لا يشك في تمام النصر ، فخرج الذين عليهم سعيد الأيسر وانضاف إليه من بقي من جيش خمارويه ونادوا بشعارهم وحملوا على عسكر المعتضد وهم مشغولون بنهب السواد ووضع المصريون السيف فيهم ، وظن المعتضد أن خمارويه قد عاد فركب وانهزم ولم يلو على شيء ، فوصل إلى دمشق ولم يفتح له أهلها بابها ، فمضى منهزما حتى بلغ طرسوس ، وبقي العسكران يضطربان بالسيوف وليس لواحد منهما أمير ، وطلب سعيد الأيسر خمارويه فلم يجده فأقام أخاه أبا العشائر ، وتمت الهزيمة على العراقيين وقتل منهم خلق كثير وأسر كثير ، وقال سعيد للعساكر : إن هذا أخو صاحبكم وهذه الأموال تنفق فيكم ، ووضع العطاء فاشتغل الجند عن الشغب بالأموال وسيرت البشارة إلى مصر ففرح خمارويه بالظفر وخجل للهزيمة ، غير أنه أكثر الصدقة ، وفعل مع الأسرى فعلة لم يسبق إلى مثلها فقال لأصحابه : إن هؤلاء أضيافكم فأكرموهم ، ثم أحضرهم بعد ذلك وقال لهم : من اختار المقام عندنا فله الإكرام والمواساة ومن أراد الرجوع جهزناه وسيرناه ، فمنهم من أقام ومنهم من سار مكرما ، وعادت عساكر خمارويه إلى الشام ففتحه أجمع فاستقر ملك خمارويه له.

* ولاية محمد بن ديوداد بن أبي الساج المعروف بالأفشين سنة 273 من طرف خمارويه صاحب مصر

قال في زبدة الحلب : لما انهزم أبو العباس المعتضد انتهى إلى أنطاكية ، وكان محمد ابن ديوداد المعروف بالأفشين بن أبي الساج قد فارق أبا العباس المعتضد لكلام أغلظ له

Bogga 203