176

ثم يقول: «والخناس مأخوذ من هذين المعنيين، فهو من الاختفاء والرجوع والتأخر، فإن العبد إذا غفل عن ذكر الله جثم على قلبه الشيطان وانبسط عليه، وبذر فيه أنواع الوساوس ... فإذا ذكر العبد ربه واستعاذ به انخنس وانقبض»، إلى آخر ما قال.

6

وبعد هاتين الصفتين، يشير الله تعالى إلى الصفة الثالثة بقوله:

الذي يوسوس في صدور الناس ، ومعنى هذا هو أن وسوسة الشيطان محلها صدور الناس، ثم تتسلل منها إلى القلوب.

هكذا يذكر شيخ الإسلام، ولكن الظاهر فيما نرى أن هذه ليست صفة ثالثة للشيطان، بل هي بيان لمحل الوسوسة، وقد عبر الشيخ عن حكمة كون وسوسة الشيطان تكون في الصدر ثم تلج منها إلى القلوب بقوله: وتأمل السر في قوله تعالى:

الذي يوسوس في صدور الناس ، ولم يقل: «في قلوبهم»، إن الصدر هو ساحة القلب وبيته، فمنه تدخل الواردات إليه ... ثم تلج في القلب، فهو بمنزلة الدهليز له.

ومن القلب تخرج الأوامر والإرادات إلى الصدر، ثم تتفرق على الجنود، ومن فهم هذا فهم قوله تعالى: (سورة آل عمران، الآية رقم 154):

وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم .

فالشيطان يدخل إلى ساحة القلب وبيته، فيلقي ما يريد إلقاءه إلى القلب، فهو موسوس في الصدر، ووسوسته واصلة إلى القلب؛ ولهذا قال تعالى (سورة طه، الآية رقم 120):

فوسوس إليه الشيطان ، ولم يقل «فيه»؛ لأن المعنى أنه ألقى إليه ذلك وأوصله إليه، فدخل في قلبه.

Bog aan la aqoon