Ibn Sina Faylusuf
ابن سينا الفيلسوف: بعد تسعمئة سنة على وفاته
Noocyada
هل أقر ابن سينا بأن الله يعرف الجزئيات؟
أم حصر معرفته تعالى في الكليات فقط؟
انقسم مؤرخو فلسفة ابن سينا فئتين؛ فئة تقول بأن ابن سينا أنكر على الله معرفته للجزئيات، وأثبت أن معرفته لا تتعدى إلى الكليات، وفي طليعة هذه الفئة الصارمة الغزالي الشهير، لا بل إن بعض النقاد غالى في هذا الأمر وقال: إذا خيل لأحد أن الرئيس يبرهن في بعض الأحايين على أن الله يعرف الجزئيات، فيجب شرح وتطبيق هذه البينات شرحا وتطبيقا يلائم مقتضيات نظريته الصدورية.
والفئة الثانية تناقض الأولى على طول الخط، وتفرغ وسعها لتظهر أرسطو الإسلام بمظهر المتدين الورع، وتبرهن على أنه قد أعلن أن الله يعرف كل ما في السموات والأرض حتى أدق الجزئيات، ولعل أشد النقاد العصريين حماسة في إثبات هذه القضية المطران نعمة الله أبو كرم الماروني في المقدمة التي علقها على الترجمة اللاتينية لإلهيات النجاة، وأصدرها مطبوعة عن رومية 1926.
أما نحن فإننا نميل إلى شرح كلام الشيخ شرحا مبنيا على الإمعان والروية، موضحين أن المسألة لا يمكن أن تتفق تماما مع هذين التخريجين، وإذا كانت الطرق التي نهجها ابن سينا في تقرير نظريته تفتقر إلى المنطق الموزون والوضوح السديد، فهذا ليس معناه أنه أنكر على الله سبحانه معرفته للجزئيات، كما أنه ليس معناه أيضا أنه سلم بهذا الأمر. •••
يعتبر ابن سينا أن التسليم بأي تركيب أو تعدد في واجب الوجود هو من الجهل بالمكان الأعلى، ومن جهة أخرى يعتقد أن الله «يعقل كل شيء، ولا يعزب عنه شيء شخصي، فلا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات، ولا في الأرض. وهذا من العجائب التي يحوج تصورها إلى لطف قريحة.»
1
إذن إن الصعوبة عند كل من يسلم بهذا هي في التوفيق بين البساطة السامية، وإدراك الأمور الجزئية في واجب الوجود.
في حل هذه المسألة العويصة يثبت الشيخ أنه لا يجوز أن يعقل الله الأشياء من الأشياء؛ لئلا تكون ذاته إما متقومة بما يعقل؛ وبالتالي يكون تقومها بالأشياء، وإما عارض لذاته أن تعقل فلا تكون واجبة الوجود من جميع نواحيها.
ولكن هل يعقل واجب الوجود الأشياء بصورتها الذهبية؟
Bog aan la aqoon