91

رأيت رقى الشيطان لا تستفزه

وقد كان شيطاني من الجن راقيا

فإذا كان الفن من آلات الإصلاح والفطنة فشيطانه من شياطين القدرة والجمال، وإذا كان من آلات الفتنة والغواية فشيطانه من جند إبليس، وقد قال الإمام ابن الجوزي في فصل من كتابه «تلبيس إبليس» وحرم في نهايته غناء التطريب واللهو، قال في أوله: «وفصل الخطاب أن نقول ينبغي أن ينظر في ماهية الشيء، ثم يطلق عليه التحريم أو الكراهة أو غير ذلك، والغناء اسم يطلق على أشياء منها: غناء الحجيج في الطرقات، فإن أقواما من الأعاجم يقدمون للحج فينشدون في الطرقات أشعارا يصفون فيها الكعبة وزمزم والمقام، وربما ضربوا مع إنشادهم بطبل، فسماع تلك الأشعار مباح، وليس إنشادهم إياها مما يطرب ويخرج عن الاعتدال.

وفي معنى هؤلاء الغزاة؛ فإنهم ينشدون أشعارا يحرضون بها على الغزو، وفي معنى هذا إنشاد المبارزين للقتال أشعار التفاخر عند النزال، وفي معنى هذا أشعار الحداة ... وإن رسول الله

صلى الله عليه وسلم

مال ذات ليلة بطريق مكة إلى حاد مع قوم فسلم عليهم فقال: إن حادينا نام، فسمعنا حاديكم فملت إليكم ... وقد كان لرسول الله

صلى الله عليه وسلم

حاد يقال له أنجشة يحدو فتعنق الإبل، فقال رسول الله: يا أنجشة، رويدك! رفقا بالقوارير. وفي حديث سلمة بن الأكوع قال: خرجنا مع رسول الله إلى خيبر، فسرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنياتك؟ وكان عامر رجلا شاعرا فنزل يحدو بالقوم يقول:

لاهم لولا أنت ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولا صلينا

Bog aan la aqoon