في صحيحه ضمن سياق مطول (^١).
٤ ــ كما أن في تقدير النبي ﷺ لأعداد جيش المشركين عن طريق معرفة ما يأكلونه من الإبل كلَّ يوم دليل على براعته ومهارته ﷺ وحَدَسِهِ الصائب في الاستدلال والاستنتاج إلى جانب ما أكرمه الله من النبوة والرسالة (^٢).
مشورة الحُبابِ بن المنذر:
قال المصنف: «وبَلَغَ ذلك قريشًا، فأبى أبو جهلٍ، وقال: والله لا نرجع حتى نَرِد ماء بدر، ونُقيم عليه ثلاثًا، ونشرب الخمرَ، وتضرب على رؤوسنا القِيَانُ، فتهابنا العربُ أبدًا. فبادر رسُولُ الله ﷺ قريشًا إلى ماءِ بدر، ونزل على أدنى ماء هناك، فقال له الحُبَابُ بنُ المُنذر بن عمرو: يا رسُولَ الله! هذا المنزل الذي نزلته أمرك الله به؟ أو منزلٌ نزلته للحربِ والمكيدةِ. فقال: «بل منزلٌ نزلته للحربِ والمكيدةِ». فقال: ليس هذا بمنزل، فانهض بنا حتى نأتي أدنى ماءٍ من مياه القومِ فننزله، ونغوّر (^٣) ما ورائنا من القُلُبِ، ثم نبني عليه حوضًا فنملؤه، فنشربُ ولا يشربون. فاستحسن رسُولُ الله ﷺ منه ذلك. وحال الله بين قريشٍ وبين الماء بمطرٍ عظيمٍ أرسله، وكان نِقمة على الكفار ونِعمة على المسلمين، مهَّد لهم الأرضَ ولبَّدها، وبُني لرسُولِ الله ﷺ عريشٌ (^٤) يكون فيه».
(^١) صحيح مسلم «١٧٧٩».
(^٢) الخبر ساقه ابن إسحاق بدون إسناد (سيرة ابن هشام ١/ ٦١٧)، لكن أخرجه أحمد «٩٤٨» بنحوه ضمن حديث طويل وصحح إسناده أحمد شاكر وشعيب الأرناؤوط.
(^٣) بالغين المعجمة: ندفنها ونطمسها، وفي بعض المصادر: بالعين المهملة ومعناه: نفسدها من العَوَر.
(^٤) العريش: خيمة تكون مقرًا للقيادة.