استبعد حُصُول الْوَلَد مِنْهُمَا مَعَ كَون الْعَادة قاضية بِأَنَّهُ لَا يحدث من مثلهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَوْم التبشير ابْن تسعين سنة وَقيل ابْن مائَة وَعشْرين سنة وَكَانَت امْرَأَته فِي ثَمَان وَتِسْعين سنة والعاقر الَّتِي لَا تَلد وَقيل إِنَّه قد مر بعد دُعَائِهِ إِلَى وَقت بشارتها أَرْبَعُونَ سنة وَقيل عشرُون سنة فَكَانَ الاستبعاد من هَذِه الْحَيْثِيَّة ﴿قَالَ كَذَلِك الله يفعل مَا يَشَاء﴾ من الْأَفْعَال العجيبة مثل ذَلِك الْفِعْل وَهُوَ إِيجَاد الْوَلَد من الشَّيْخ الْكَبِير وَالْمَرْأَة العاقر
٢٩ - بَاب مَا نزل فِي اصطفاء مَرْيَم وأمرها بِالْعبَادَة
﴿وَإِذ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نسَاء الْعَالمين يَا مَرْيَم اقنتي لِرَبِّك واسجدي واركعي مَعَ الراكعين﴾
قَالَ تَعَالَى ﴿وَإِذ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك وطهرك﴾ من مَسِيس الرِّجَال أَو الْكفْر أَو الذُّنُوب أَو من الأدناس على عمومها وَكَانَت لَا تحيض وَقيل إِنَّهَا حَاضَت قبل حملهَا بِعِيسَى مرَّتَيْنِ ﴿واصطفاك على نسَاء الْعَالمين﴾ قيل هن نسَاء عَالم زمانها وَهُوَ الْحق وَقيل نسَاء جَمِيع الْعَالم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَاخْتَارَهُ الزّجاج ﴿يَا مَرْيَم اقنتي لِرَبِّك﴾ أَي أطيلي الْقيام فِي الصَّلَاة أَو ادعيه ودومي على طَاعَته بأنواع الطَّاعَات ﴿واسجدي واركعي مَعَ الراكعين﴾ أَي صلي مَعَ الْمُصَلِّين فِيهِ دلَالَة على مَشْرُوعِيَّة الْجَمَاعَة
قَالَ الْأَوْزَاعِيّ لما قَالَت الْمَلَائِكَة لَهَا ذَلِك شفاها قَامَت حَتَّى تورمت قدماها وسالت دَمًا وقيحا وَحكي عَن مُجَاهِد نَحوه
1 / 59