١٥ - بَاب مَا نزل فِي مدارج الطَّلَاق وَالْخلْع
﴿الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان وَلَا يحل لكم أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا إِلَّا أَن يخافا أَلا يُقِيمَا حُدُود الله فَإِن خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود الله فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت﴾
قَالَ تَعَالَى ﴿الطَّلَاق مَرَّتَانِ﴾ أَي عدد الطَّلَاق الَّذِي تثبت فِيهِ الرّجْعَة للأزواج هُوَ مَرَّتَانِ فَالْمُرَاد بِالطَّلَاق الْمَذْكُور هُوَ الرَّجْعِيّ إِذْ لَا رَجْعَة بعد الثَّالِثَة وَإِنَّمَا قَالَ سُبْحَانَهُ مَرَّتَانِ وَلم يقل طَلْقَتَانِ إِشَارَة إِلَى أَنه يَنْبَغِي أَن يكون الطَّلَاق مرّة بعد أُخْرَى لَا طَلْقَتَانِ دفْعَة وَاحِدَة كَذَا قَالَ جمَاعَة من الْمُفَسّرين وَلما لم يكن بعد الطَّلقَة الثَّانِيَة إِلَّا أحد أَمريْن إِمَّا إِيقَاع الثَّالِثَة الَّتِي تبين بهَا الزَّوْجَة أَو الْإِمْسَاك لَهَا واستدامة نِكَاحهَا وَعدم إِيقَاع الثَّالِثَة عَلَيْهَا قَالَ سُبْحَانَهُ ﴿فإمساك﴾ أَي بعد الرّجْعَة لمن طَلقهَا زَوجهَا طَلْقَتَيْنِ ﴿بِمَعْرُوف﴾ عِنْد النَّاس من حسن الْعشْرَة وَحُقُوق النِّكَاح ﴿أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان﴾ أَي بإيقاع طَلْقَة ثَالِثَة من دون ضرار لَهَا وَقيل المُرَاد بالإمساك رَجْعَة بعد الطَّلقَة الثَّانِيَة وبالتسريح ترك الرّجْعَة بعد الثَّانِيَة حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَالْأول أظهر قَالَ أَبُو عَمْرو أجمع الْعلمَاء على أَن التسريح هِيَ الطَّلقَة الثَّالِثَة بعد الطلقتين وَإِيَّاهَا عني بقوله ﴿فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره﴾ وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي إرْسَال الثَّلَاث دفْعَة وَاحِدَة هَل تقع ثَلَاث أَو وَاحِدَة فَقَط فَذهب إِلَى الأول الْجُمْهُور وَذهب إِلَى الثَّانِي من عداهم وَهُوَ الْحق وَقد قَرَّرَهُ الْعَلامَة الشَّوْكَانِيّ فِي مؤلفاته تقريرا بَالغا وأفرده برسالة مُسْتَقلَّة وَكَذَا الْحَافِظ ابْن الْقيم فِي إغاثة اللهفان وإِعْلَام الموقعين
1 / 37