Hujjat Allah Baligha
حجة الله البالغة
Baare
السيد سابق
Daabacaha
دار الجيل
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
سنة الطبع
Goobta Daabacaadda
بيروت - لبنان
وخامسها: قبيل حُدُوث الْحَادِثَة، فَينزل الْأَمر من حَظِيرَة الْقُدس إِلَى الأَرْض، وينتقل شَيْء مثالي، فتنبسط أَحْكَامه فِي الأَرْض.
وَقد شاهدت ذَلِك مرَارًا، مِنْهَا أَن نَاسا تشاجروا فِيمَا بَينهم، وتحاقدوا،
فالتجأت إِلَى الله، فَرَأَيْت نقطة مثالية نورانية نزلت من حَظِيرَة الْقُدس إِلَى الأَرْض فَجعلت تنبسط شَيْئا فَشَيْئًا، وَكلما انبسطت زَالَ الحقد عَنْهُم فَمَا برحنا الْمجْلس حَتَّى تلاطفوا، وَرجع كل وَاحِد مِنْهُم إِلَى مَا كَانَ من الالفة، وَكَانَ ذَلِك من عَجِيب آيَات الله عِنْدِي.
وَمِنْهَا أَن بعض أَوْلَادِي كَانَ مَرِيضا وَكَانَ خاطري مَشْغُولًا بِهِ، فَبَيْنَمَا أَنا أُصَلِّي الظّهْر شاهدت مَوته نزل، فَمَاتَ فِي ليلته.
وَقد بيّنت السّنة بَيَانا وَاضحا أَن الْحَوَادِث يخلقها الله تَعَالَى قبل أَن تحدث فِي الأَرْض خلقا مَا، ثمَّ ينزل فِي هَذَا الْعَالم فَيظْهر فِيهِ كَمَا خلق أول مرّة سنة من الله تَعَالَى، ثمَّ قد يمحى الثَّابِت، وَيثبت الْمَعْدُوم، بِحَسب هَذَا الْوُجُود قَالَ الله تَعَالَى:
﴿يمحوا الله مَا يَشَاء وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب﴾
مثل أَن يخلق الله تَعَالَى الْبلَاء خلقا مَا، فينزله على الْمُبْتَلى، ويصعد الدُّعَاء، فَيردهُ، وَقد يخلق الْمَوْت، فيصعد الْبر، ويدده وَالْفِقْه فِيهِ أَن الْمَخْلُوق النَّازِل سَبَب من الْأَسْبَاب العادية كالطعام وَالشرَاب بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَقَاء الْحَيَاة وَتَنَاول السم، وَالضَّرْب بِالسَّيْفِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَوْت، وَقد دلّ أَحَادِيث كَثِيرَة على ثُبُوت عَالم تتجسم فِيهِ الْأَعْرَاض، وتنتقل الْمعَانِي، ويخلق الشَّيْء قبل ظُهُوره فِي الأَرْض، مثل كَون الرَّحِم مُعَلّقا بالعرش، وتزول الْفِتَن كمواقع الْقطر، وَخلق النّيل والفرات فِي أصل السِّدْرَة، ثمَّ أنزالهما إِلَى الأَرْض، وإنزال الْحَدِيد والانعام وإنزال الْقُرْآن إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا مجموعا، وَحُضُور الْجنَّة وَالنَّار بَين يَدي النَّبِي ﷺ وَبَين جِدَار الْمَسْجِد بِحَيْثُ يُمكن تنَاول العنقود، وَيَأْتِي حر النَّار، وكتعالج الْبلَاء وَالدُّعَاء، وَخلق ذُرِّيَّة آدم، وَخلق الْعقل،
وَأَنه أقبل وَأدبر، وإتيان الزهراوين كَأَنَّهُمَا فرقان، وَوزن الْأَعْمَال، وحفوف الْجنَّة بالمكاره وَالنَّار بالشهوات، وأمثال ذَلِك مِمَّا لَا يخفى على من لَهُ أدنى معرفَة بِالسنةِ.
وَاعْلَم أَن الْقدر لَا يزاحم سَبَبِيَّة الْأَسْبَاب لمسبباتها، لإنه إِنَّمَا تعلق بالسلسلة المترتبة جملَة مرّة وَاحِدَة، وَهُوَ قَوْله ﷺ فِي الرقى والدواء والتقاة هَل ترد شَيْئا من قدر الله؟ قَالَ: "
1 / 128