وحذرت من أمر فمر بجانب- فهذا مثل سائر، ثم يتمثل فيقول: لم ألقه، ولقيت ما لم أحذر.
٢١٢ ومثله قول بشار طويل:
وما قارع الأقوام مثل مشيع ... أريب، ولا جلى العمى مثل عالم
فلك أن تتمثل فتقول "وما قارع الأقوام مثل مشيع" وأن تزيد فتقول "أريب" وأن تتمثل بباقيه فتقول "ولا جلي العمى مثل عالم".
٢١٣ ومثله قول بشار أيضًا كامل:
تأتي المقيم ... وما سعى
حاجاته
عدد الحصى ويخيب سعي الطالب
فإن شئت أن تتمثل فتقول "تأتي القميم، وما سعى حاجاته" وتسكت، وإن شئت أن تتمثل فتقول "وتأتي المقيم وما سعى، حاجاته عدد الحصى" وتسكت، وتتمثل بباقيه، فتقول "يخيب سعي الطالب".
٢١٤ وقال علباء، -رجل من بني أسد- كامل:
والعيش منقطع وإن أحببته
فهذا مثل موجز، ثم قال:
والموت مورده الهيوب النافر.
٢١٥ ومثله قول النظار الفقعسي كامل:
قد تخفر المغتر غرته
فهذا مثل قديم في نصف هذا البيت، ثم قال:
وتزل بالمتثبت النعل.
فأتى بمثل آخر.
٢١٦ ونظير هذا، قول الحكيم بن الحجاج بن ثعلبة وافر:
وقد يدنوا الصغير إلى هداه ... ويدبر بعد وفرته الكبير
٢١٧قال أبو علي: أخبرنا عبيد الله بن أحمد قال أخبرنا محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال: "تزعموا أنه ليس في الشعر بيت أوله مثل، وآخره مثل، إلا ثلاثة أبيات، وهي:
١- قول الحطيئة بسيط:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس
٢- وقول امرئ القيس وافر:
وافلتهن علباء جريضًا ... ولو أدركنه صفر الوطاب
وقاهم جدهم ببني أبيهم ... وبالأشقين ما كان العقاب
٢١٨ قال أو علي: قوله "صفر الوطاب": قتل، فخلت وطابه من اللبن الذي كان يسقيه الأضياف -وهو أول من نظق بهذا المعنى. وفي قوله "صفر الوطاب" معنى آخر حسن، وهو أنه قتل بخلاء جسمه عند موته من روحه كما يخلو الوطب من اللبن.
٢١٩ فأخذه الأعشى فقال خفيف:
رب رفد هرقته ذلك اليو ... م، وأسرى من معشر اقتال
٢٢٠ وأخذه الآخر، فقال بسيط:
جفتنه بإزاء الحوض قد كفئت ... بثني صفين يعلو فوقها القتر
يقول: قتل، فكفت، أي قلبت. وكانت من قبل سعيدة لإطعام الضيفان.
٢٢١ أخبرهم أبو علي: قال أخبرني أبي قال أخبرني أبو عمرو بن سعيد الكاتب قال أخبرنا محمد بن يحيى عن ابن سلام قال: "ليس من بيت إلا وفيه مطعن إلا قول الحطيئة من يفعل الخير لا يعدم جوازيه" وذكر البيت وقول طرفة طويل:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا ... ويأتيك بالأحبار من لم تزود ومنه
ومن لا يتق الشتم يشتم ... ومن لا يكرم نفسه لا يكرم
وقول امرئ القيس "الله أنجح ما طلبت له" وذكر البيت.
٢٢ قال أبو علي: وأن أذكر من أبيات الشعر الذي يتمثل بصدورها وأعجازها ما يوضح سقوط قول الأصمعي، الذي تقدم ذكره.
١- فمن ذلك قول امرئ القيس طويل:
فإنك لم يفخر عليك ضعيف
فهذا مثل سائر.
ثم قال:
ولم يغلبك مثل مغلب
فأتى به بمثل سائر.
٢- وقول زهير طويل:
ومن يجعل المعروف من دون عرضه ... يفره،
فهذا مثل مكتف بنفسه ثم قال:
ومن يغترب يحسب عدوًا صديقه
فأتي بمثل آخر، وفي هذه القصيدة يقول:
ومن يغترب يحسب عدوًا صديقه ... ومن لا يكرم نفسه لا يكرم
وفي صدر هذا البيت وعجزه، مثلان سائران.
٣- وقول المتلمس الضبيعي طويل:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا ... وما علم الإنسان إلا ليعلما
في كل مصرع من هذا البيت مثل مكتف بنفسه وكذلك قوله أيضًا وافر:
قليل المال تصلحه فيبقى ... ولا يبقى الكثير مع الفساد
٤- وقول عبيد بن الأبرص مخلع البسيط:
من يسأل الناس يحرموه ... وسائل الله لا يخيب
وقد أخذ هذا المعنى، الأعشى فقال: "ومن يكثر التساؤل لا بد محرم".
٥- وقول لبيد طويل:
ألا كل شيء ... ما خلا الله
باطل
وكل نعيم لا محال زائل
٦- وقول الحطيئة طويل:
متى تقد بالباطل الحق بابه ... فإن قدت بالحق الرواسي تنقد
٧- وقول زهير طويل:
1 / 29