258

============================================================

قد بلغ فضل (1) الله على الناس من السعة وبلغت نعمته عليهم من السبرغ ما لو أن أخسهم حظا وأقلهم نصيبا منه وأضعفهم علما وأعجزهم عملا [80ب واعياهم لسانا بلغ من الشكر له والثناء عليه بما خلص إليه من فضله ، ووصل اليه من نعمته ما بلغ (2) منه له أعظمهم حظا وأو فرهم نصيبا وأفضلهم علما وأبسطهم لسانا - لكان عما استوجب الله عليه مقصرأ، وعن بلوغ غاية الشكر بعيدا .

بلغ من فضل الدين والحكمة أن مدحا على ألسنة الحهال ، على جهالتهم بها وعماهم عنها.

أحق الناس بالتدبير العلماء ، وأحقهم بالفضل أعودهم على الناس بفضله، وأحقهم بالعمل أحسهم تأدبا ، وأقربهم إلى الله (2) تعالى أنفذهم فى الحق : واكملهم (4) له عملا، وأحكهم أبعدهم من الشك فى الله، وأصوبهم رجاء أوتقهم بالله ، وأشدهم انتفاعا بعمله أبعدهم من الأذى، وأرضاهم عند الناس أفشاهم معروفا ، وأقواهم أحسهم معونة، وأشجعهم أشدهم سلطانا على نفسه ، وأفلحهم أغلبهم للشهوة والحرص، وآخذهم بالرأى أتركهم للهوى ، وأطولهم راحة أحسهم للأمور احتمالا، وأقلهم دهشا أرحبهم ذرعا ، وأوسعهم غنى أقنعهم بما أوتى، وأخفضهم عيشا أبعدهم من الإفراط ، وآمنهم فى الناس اكلتهم نابا وخلبا، وأوسعهم شهادة عليهم أنطقهم عنهم ، وأعدلهم فيهم أدومهم مسالمة لهم ، وأخصهم بالنعم أشكرهم لما أوتى منها : سبب الإيمان بالغيب أن لكل ظاهر من الدنيا - صغيرا كان أو كبيرا = غيبا يصرفه . فمن كان معتبرا بالخليل فلينظر إلى السماء فسيعلم أن لها ربا يجرى أفلاكها ويدبر أمرها . ومن اعتبر[181] بالصغير قلينظر إلى حية خردل فسيعلم أن لها ربا ينبتها ويزكبها ويقدر لها قوتها من الأرض والماء، ويوقت لها زمان تباتها وتهشيمها . وأمر النبوة والآثار والأحلام وما يحدث فى أنفس الناس مما لا يعلمون ومن حيث لا يعلمون، ثم ما يظهر منهم بالقول والفعل، ثم إحماع العلماء (1) ص : من فضل (2) ص : ما يلغ مثزلة واعظمهم،0.

(3) ط : من الله انفدم 0(4) ط : واحكمهم:

Bogga 258