ولذا لو كان له الداعي بدون أمر المولى ويأتي به بدونه ، لا معنى للأمر وجعل الداعي له ، فإنه لغو محض لا يترتب عليه فائدة أصلا ، وأية فائدة في الأمر بما يصدر من العبد على أي حال أمر به المولى أم لم يأمر؟ فبناء على هذا إذا قامت قرينة على التوصلية ، فبها ، وإلا كان مقتضى الأصل هو التعبدية.
وفيه أولا : أن الغرض من الأمر ليس هو الداعوية الفعلية ، كما مر غير مرة ، وإلا يلزم تخلف الغرض عن ذي الغرض ، ضرورة عدم داعوية كثير من الأوامر لكثير من المأمورين بها ، العاصين لها ، بل الغرض هو الداعوية الشأنية بمعنى أنه جعل ما يمكن أن يكون داعيا للعبد.
وبعبارة أخرى : هو سد أبواب عدم الفعل من ناحية المولى بإظهار ما يشتاق إليه حتى يكون حجة على العبد ، وعلى هذا يترتب الغرض على ذي الغرض ، ولا يتخلف عنه ، أتى العبد بالمأمور به أم لا ، وفي صورة الإتيان أتى به بداعي أمره أم بداع آخر غيره.
ويوضح ذلك : أن الغرض من الأمر هو الذي يكون غرضا من النهي بعينه ، إذ الأمر والنهي في هذه الجهة سيان ولا فرق بينهما إلا في أن الأمر هو إبراز ما يشتاق إليه المولى ، والنهي هو إظهار ما يكرهه مع أن شيئا من المحرمات لا يكون قربيا ، فكيف يمكن أن
Bogga 257