يقال : إن الأصل فيها (1) هو التعبدية ، لأن الغرض منها ليس إلا الداعوية!؟
وثانيا : سلمنا أن الغرض هو الداعوية الفعلية ، لكن لا نسلم وجوب تحصيل مثل هذا الغرض على العبد ، فإنه غاية لفعل المولى وأمره وإبراز شوقه ، والواجب على العبد تحصيل الغرض القائم بفعل نفسه ، وهو المصلحة اللزومية التي تكون في الفعل على ما هو الحق من أن التكاليف تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية التي تكون في متعلقاتها.
وثالثا : سلمنا أن الواجب تحصيل ذلك الغرض ، لكن لا نسلم ثبوت أصالة التعبدية بذلك ، إذ بمجرد الإتيان بداعي الأمر لا يصير الفعل قربيا مضافا إلى المولى ، فإن العبد ربما يأتي الفعل بداعي الأمر خوفا من العقاب بحيث لو لا العقاب لما يفعل أصلا ، بل ربما لا يكون هناك أمر ومع ذلك يأتي العبد بما اشتاق إليه مولاه خوفا منه ، كما إذا علم العبد بمحبوبية إنقاذ ابن المولى له بحيث لو لم ينقذه مع قدرته عليه يعاقبه المولى ، فإنه يفعل هذا الفعل ولو كان كارها له غاية الكراهة ، لخوفه من عقابه ، ولا ينتظر لأمره به أصلا لذلك ، ومن المعلوم أن ما يصدر عن العبد مع كمال الانزجار وغاية الكراهة من جهة إحداث أمر المولى الخوف في نفسه لا يمكن أن يكون قربيا مضافا إلى المولى ، ضرورة أن العبادة
Bogga 258