211

لا يكلف عبده بالمعين من أحد الأمرين المتساويين من كل وجه على وجه يعاقب عبده على ترك المأمور به والإتيان بالآخر فضلا [عن] أن يكلف بالمرجوح كذلك ، بل العاقل يختار الراجح في التكوينيات ، والمولى الحكيم يكلف بالجامع إن كان أو أحدهما إن لم يكن في صورة تساوي الأمرين ، وبالراجح في صورة عدم التساوي في التشريعيات.

وأما في غير التشريعيات وعدم وجود المرجح فمن الواضح عدم القبح أصلا ، ضرورة أن العطشان الذي عنده كوزان متساويان في إيفاء المصلحة بلا تفاوت بينهما لا يتأمل ولا يملك نفسه عن الشرب حتى يموت نظرا إلى أن ترجيح أحد المتساويين قبيح ، بل يختار أحدهما ويشرب من أحدهما قطعا ، وهذا واضح جدا.

ومن هنا يعلم أن ما قاله رئيس المشككين من أن المصلحة الإلهية اقتضت وجود الحركة في الأجرام السماوية ، لكن الترجيح بلا مرجح (1) كان قبيحا ، فما وجه حركة الشمس مثلا وسيرها من

وفساده أظهر من أن يخفى حيث إن الترجيح وإن كان مستلزما للترجح لا محالة إلا أن هذا الاستلزام لا يتولد منه استلزام آخر ، وهو أنه إن كان الترجيح

Bogga 214