وَلذَلِك أحب صبيان الْمُسلمين يَوْم الْجُمُعَة وألفوه بعد ذَلِك طول عمرهم وكرهوا يَوْم السبت لِأَن يَوْم الْجُمُعَة مَفْرُوض لَهُم فِيهِ الرَّاحَة مرخص لَهُم اللّعب ويتلوه يَوْم السبت الَّذِي هُوَ يَوْم تعبهم وعودهم إِلَى مَا يكْرهُونَ من فقد اللّعب. فَأَما صبيان الْيَهُود فَإِنَّمَا يعرض لَهُم ذَلِك فِي يَوْم السبت وَمَا يَلِيهِ وصبيان النَّصَارَى فِي يَوْم الْأَحَد وَمَا يَلِيهِ وَكَذَلِكَ أَيَّام الأعياد الَّتِي أطلق للنَّاس فِيهَا الرَّاحَة والزينة يَقُول النَّبِي ﷺ (أَيَّام أكل وَشرب وبعال) وَهَذِه الْأَيَّام مُخْتَلفَة فِي أَصْحَاب الْملَل. وكل قوم يحبونَ الْأَيَّام الَّتِي هِيَ أعيادهم الَّتِي أطلق لَهُم فِيهَا الزِّينَة والمتعة والراحة. وَأما من تَسَاوَت بِهِ الْأَحْوَال من الْأُمَم الَّتِي لَيست تَحت شرع وَلَا لَهُم نظام فِي سيرتهم وأحوالهم كالزنج وأواخر التّرْك وأشباههم فَلَيْسَ يلحقهم هَذَا الْمَعْنى وَلَيْسَ يحبونَ يَوْمًا بِعَيْنِه وَلَا شهرا وَلَا وقتا مَخْصُوصًا. فَأَما تولد صُورَة يَوْم الْجُمُعَة على خلاف صُورَة يَوْم الْخَمِيس فَإِنَّهُ على مَا أَقُول: إِن الزَّمَان الْأَظْهر الْأَعَمّ الْأَشْهر هُوَ مَا تحدثه دورة وَاحِدَة من الْفلك الْأَقْصَى أَعنِي الَّذِي يدبر جَمِيع الأفلاك ويحركها بحركة نَفسه إِلَى غير جِهَة حركاتها وَذَلِكَ من الْمشرق إِلَى الْمغرب من مفروضه إِلَى أَن يعود إِلَيْهَا وَهُوَ فِي أَربع وَعشْرين سَاعَة. وَإِنَّمَا صَار هَذَا الزَّمَان أظهر للنَّاس لما يظْهر فِيهِ من صباح يعرض وَمَسَاء بِيَوْم وَلَيْلَة وسببهما ظُهُور الشَّمْس فِي بعض هَذِه الْمدَّة فَوق الأَرْض وغيبتها فِي بعض تَحت الأَرْض. وَفِي كل دور مِنْهَا للنَّاس أَفعَال
1 / 112