فَإِذا انْفَرد أحدهم بفضيلة لحق البَاقِينَ مَا ذكرته. وَرُبمَا كَانَ سَبَب زهدهم فِيهِ غير هَذَا وَلَكِن الْأَغْلَب مَا ذكرته. فَأَما الْبعيد الْأَجْنَبِيّ فَإِنَّهُ لما لم يجمعه وإياه سَبَب خف عَلَيْهِ تَسْلِيم الْفضل لَهُ وَقل عَارض الْحَسَد فِيهِ لأجل ذَلِك إِذا مَاتَ الْمَحْسُود وَانْقطع السَّبَب الَّذِي بَينه وَبَين الحساد أنشئوا يفضلونه ويسلمون لَهُ مَا منعُوهُ إِيَّاه فِي حَيَاته.
(مَسْأَلَة خلقية مَا الْحَسَد الَّذِي يعترى الْفَاضِل الْعَاقِل من نَظِيره)
فِي الْفضل مَعَ علمه بشناعة الْحَسَد وبقبح اسْمه واجتماع الْأَوَّلين والآخرين على ذمه وَإِن كَانَ هَذَا الْعَارِض لَا فكاك لصَاحبه مِنْهُ لِأَنَّهُ دَاخل عَلَيْهِ فَمَا وَجه ذمه والإنحاء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يدْخل عَلَيْهِ وَلكنه ينشئه فِي نَفسه ويضيق صَدره باجتلابه فَمَا هَذَا الإختيار وَهل يكون من هَذَا وَصفه فِي دَرَجَة الْكَلِمَة أَو قَرِيبا من الْعُقَلَاء وَقد قيل لأرسططاليس: مَا بَال الحسود أطول النَّاس غمًا قَالَ: لِأَنَّهُ يغتم كَمَا يغتم النَّاس ثمَّ ينْفَرد بالهم على مَا ينَال النَّاس من الْخَيْر. الْجَواب: قَالَ أَبُو على مسكويه ﵀: الْحَسَد أَمر مَذْمُوم وَمرض للنَّفس قَبِيح وَقد غلط فِيهِ النَّاس حَتَّى سموا غَيره باسمه مِمَّا لَيْسَ يجرى مجْرَاه. وَهَذَا بِعَيْنِه هُوَ الَّذِي غلط السَّائِل حَتَّى قَالَ:
1 / 100