إِلَّا لفسدتا﴾ . سُبْحَانَهُ وَجل ثَنَاؤُهُ، وَلَا إِلَه غَيره.
مَسْأَلَة اختيارية لم فزع النَّاس إِلَى الوسائط فِي الْأُمُور مَعَ ماقالوه فِي الْمَسْأَلَة الأولى من فَسَاد الشّركَة والشركاء
، حَتَّى أَن جَمَاهِير الْأُمُور ومعاظم الْأَحْوَال فِي الشَّرِيعَة السياسية، لَا تتمّ وَلَا تنظم إِلَى بوسيط يلحم ويسدي، ويرتق ويغتق، وَيحسن ويجمل؟ الْجَواب قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه ﵀: لما كَانَت ضرورات النَّاس دَاعِيَة إِلَى شركَة الْأَحْوَال الَّتِي قدمنَا ذكرهَا فِي الْمَسْأَلَة الأولى، وَكَانَ كل إِنْسَان يحب نَفسه، وَيُحب لَهَا الْمَنْفَعَة، ويحرص لَهَا على الإستئثار بهَا دون صَاحبه، ظهر الْفساد وَحدث التظالم الَّذِي ذكرته فِي الْمَسْأَلَة الْمُقدمَة، وَلم يَثِق أحد المشاركين فِي الْأَمر بِصَاحِبِهِ، لِأَنَّهُ ذُو نصيب فِيهِ، ومحبة للمنفعة العائدة مِنْهُ لنَفسِهِ وَكَانَ للهوى، تطرق إِلَيْهِ وتسلق عَلَيْهِ، فَاحْتَاجَ إِلَى وَاسِطَة تكون حَاله فِي ذَلِك الْأَمر، بَريَّة من حَالهمَا، ليعتدل الحكم، وَيصِح رَأْيه، وَيُعْطِي كل وَاحِد قسطه ونصيبه من غير خيف وَلَا هوى. وَلَيْسَ يجب إِذا كَانَت الشّركَة مذمومة أَن يجلو مِنْهَا الْإِنْسَان، لِأَنَّهُ يضْطَر بالضعف البشري إِلَيْهَا كَمَا ضربنا لَهُ الْمثل من الْحمل الثقيل، أَو كَثْرَة أَجزَاء الشَّيْء المنظور فِيهِ. فَإِن تركت الشّركَة فِي مثل هَذِه الْأُمُور، وأهملت المعاونة، فَاتَ ذَلِك
1 / 96