وَاحِدَة، ويختصرها غَرَض وَاحِد فَإِن مثل هَذَا يَنْتَظِم ويتسق، ويظهره فِيهِ فضل بَين على الأول. فَأَما الْأُمُور الَّتِي لَا يكمل الْإِنْسَان الْوَاحِد لَهَا، وَلَا يسْتَقلّ بهَا أحد، فَإِن الشّركَة وَاجِبَة فِيهَا كاحتمال حجر الرَّمْي، وَمد السفن الْكِبَار وَغَيرهَا من الصناعات الَّتِي تتمّ بالجماعات الْكَثِيرَة، وبالشركة والمعاونة. فَإِن هَذِه الْأَشْيَاء، وَإِن كَانَت الشّركَة فِيهَا وَاجِبَة لعجز الْبشر، وَكَانَ الذَّم سَاقِطا، ومصروفًا عَن أَصْحَابهَا بِمَا وضح من عذرهمْ فِيهَا. فَإِن الْمَعْلُوم من أحوالها أَنَّهَا لَو ارْتَفَعت بِقُوَّة وَاحِدَة وتمت بمدبر وَاحِد، كَانَت لَا محَالة أحسن انتظامًا، وَأَقل اضطرابًا وَفَسَادًا، وَأولى بالصلاح، وَحسن المرجوع. فالشركة بِالْإِطْلَاقِ دَالَّة على عجز الشَّرِيكَيْنِ وَعَادَة بعد الْأَمر الْمُشْتَرك فِيهِ، وبالخلل وَالْفساد عَمَّا يتم بالتفرد، وَإِن كَانَ الْبشر معذورين فِي بَعْضهَا وَغير معذورين فِي بعض. وَأما الْملك البشري: فَإِنَّهُ لما كَانَ من الْأُمُور الَّتِي يَنْتَظِم بتدبير وَاحِد، وَأمر وَاحِد، وَإِن اشتركت فِيهِ الْجَمَاعَة، فَإِنَّهُم يصدرون عَن رَأْي وَاحِد، ويصيرون كآلات للْملك، فتتآحد الْكَثْرَة، وَيظْهر النظام الْحسن، كَانَ الاستبداد والتفرد بِهِ أفضل لَا محَالة كَمَا مثلناه فِيمَا تقدم. فَإِذا اخْتلفت الْجَمَاعَة الَّتِي تتعاون فِيهِ، وَلم تصدر عَن رَأْي وَاحِد، ظهر فِيهِ من الْخلَل، والوهن، والتفاوت، مَا يظْهر فِي غَيره، باخْتلَاف الهمم، وانتشار الْكَثْرَة الْمُؤَدِّي إِلَى فَسَاد النظام المتآحد، ثمَّ يكون فَسَاده أَعم، وَأظْهر ضَرَرا بِحَسب غنائه وعائدته وَعظم مَحَله، وجلالة موضعة. وَقد أبان الله تَعَالَى جَمِيع ذَلِك بأقصر لفظ وأوجز كَلَام، وَأظْهر معنى، وأوضح دلَالَة، فِي قَوْله عز من قَائِل: (لوكان فيهمَا آلِهَة
1 / 95