وحدثنا الشيخ أبو أحمد غير مرة قال : لما فارقت أبا الفضل الحسين بن العميد وكان بالري مبادرا نحو عسكر مكرم لأمر حدث في أهلي واجتزت بأصبهان اغتنمني الصاحب ابن عباد ، أبو القاسم ، وسألني المقام عليه ، فذكر له الأمر الذي من أجله فارقت حضرة أبي الفصل والضرورة التي دعت إلى المسارعة نحو الوطن ، فأبى أن يعذرني في الخروج عنه ، وأخبر مؤيد الدولة بخبري وعرفه صدق حاجته إلى الاستكثار مني ، فأمر فنودي بأصبهان : برئت الذمة من رفقه تخرج إلى خوزستان مدة سنة ، فاجتمع تجار العسكر وغيرهم إلي ، وسألوني إجابته إلى المقام معه القدر الذي أريده ، ليفسح لهم في الخروج والتصرف في أمورهم ، فلم أجد بدا من ذلك ، فأقمت معه حتى قرأ كتاب الجمهرة وكتاب الاشتقاق وأمالي ابن دريد وغيرها ، وعملت له كتاب أقسام العرب ، ثم انصرفت ، وأنا شاكر له ذاكر بره .
قال أبو هلال : ولو أن الجاهل بين نقيصة الجهل من نفسه لفزع إلى . . في التعلم ولكنه كآكل الثوم ، لا يشم من نفسه منه ، وإنما يشمه غيره ويتأذى به سواه ، والفضيحة بالجهل عظيمة ، والغبن به كثير لو عرفه الجاهل ولا يرضى بالجهل إلا من هانت عليه نفسه فلا يبالي أن يهجى ويستخلف به ويسخر منه وأدنى حقه منه ذلك ، ومن أكرمة إلا عند ضرورة فقد وضع الإكرام في غيره موضعه .
Bogga 90