ثم قوله: «خير من عمله» يحتمل أن المراد خير من عمله الذي تجرد عن النية، وهو المناسب للتوجيه الأول، فيكون أفعل التفضيل على بابه، على حد {اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا}[الفرقان:24] يعني أنهم حازوا أصل الفعل. ويحتمل أنه خير من عمله مطلقا وهو المناسب للتوجيه الثاني، لدوامها وانقطاعه، فيكون أفعل على بابه، والله أعلم.
<1/4>وفي كلام بعضهم ما يدل على أن معنى كون "نية المؤمن خير من عمله" أن النية أحد أقسام كسب العبد، فإنه يكون بالقلب والجوارح واللسان، وهي تكون عبادة بانفرادها بخلاف القسمين الأخيرين، ولأن القول والعمل يدخلهما الفساد بالرياء، بخلاف النية، والله أعلم.
وزاد في الجامع الصغير في هذا الحديث: "وعمل المنافق خير من نيته، وكل يعمل على نيته؛ فإذا عمل المؤمن عملا نار في قلبه نور". ولعل هذه الزيادة لم تثبت عند المصنف رحمه الله ولذلك تركها، ولم يتكلم شارح الجامع على هذا الحديث بشيء.
وسمعت عن بعض فقهائهم أن هذا الحديث ورد على سبب، وذلك أن عثمان أراد أن يحفر بئرا في موضع فسبقه إليها بعض المنافقين فحفرها فقال عليه السلام: "نية المؤمن" إلى آخره، والمعنى أن نية المؤمن الذي هو عثمان خير من عمل ذلك المنافق؛ ولكن لا يناسبه بقية الحديث عندهم، فالظاهر الأول، والله أعلم.
Bogga 3