Hashiyat Tartib
حاشية الترتيب لأبي ستة
قال ابن حجر بعد كلام "وبيان ذلك أن العلماء اختلفوا في الجهة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم توجه إليها للصلاة وهو بمكة، فقال ابن عباس وغيره: كان يصلي إلى بيت المقدس لكنه لا يستدبر الكعبة بل يجعلها بينه وبين بيت المقدس، وأطلق الآخرون أنه كان يصلي إلى بيت المقدس، وقال آخرون: كان يصلي إلى الكعبة فلما تحول إلى المدينة استقبل بيت المقدس، وهذا ضعيف ويلزم منه دعوى النسخ مرتين، والأول أصح" إلخ، لكن إن صحت نسخة المسند إلى الكعبة حملت على القول الأخير، أو على الأول بالتأويل المتقدم، والله أعلم.
ثم إن المراد بالصلاة التي كان يصليها عليه السلام قبل أن تفرض الصلوات الخمس وقع الخلاف فيه كما يؤخذ من كلام ابن حجر حيث قال:
<1/205> "فائدة؛ ذهب جماعة إلى أنه لم يكن قبل الإسراء صلاة مفروضة إلا ما كان وقع الأمر به من صلاة الليل من غير تحديد ، وذهب الحربي إلى أن الصلاة كانت مفروضة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، وذكر الشافعي عن بعض أهل العلم أن صلاة الليل كانت مفروضة ثم نسخت بقوله تعالى: {فاقرءوا ما تيسر منه}[المزمل:20]،فصار الفرض قيام بعض الليل ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس إلخ، وذكر البيضاوي عن الحسن أنه كان يقول: كان الواجب بمكة ركعتين في أي وقت اتفقت إلخ، والله أعلم.
قوله: »إلى أن عرج به إلى بيت المقدس« يعني إلى أن أسري به، ففرضت عليه الصلوات الخمس فأمر باستقبال بيت المقدس، والله أعلم.
قوله: »ثم تحول إلى قبلته« يعني مكة بعد قدومه إلى المدينة بسبعة عشر شهرا كما تقدم، فعلى هذا يحتاج إلى ما قاله ابن حجر من دعوى النسخ مرتين، فإنه يلزم أن يكون قبلته قبل الإسراء وفرض الصلوات الخمس هي الكعبة، فلما فرضت عليه الصلوات الخمس أمر باستقبال بيت المقدس فاستقبلها في مكة سنتين وفي المدينة سبعة عشر شهرا، ثم نسخت فأمر باستقبال الكعبة، والله أعلم.
Bogga 194