حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني
حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني
Baare
يوسف الشيخ محمد البقاعي
Daabacaha
دار الفكر
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Maaliki
وَالْكَافِرِينَ (بِ) سَبَبِ (التَّوْبَةِ عَنْ كَبَائِرِ السَّيِّئَاتِ) ظَاهِرُهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ أَنَّ الْكَبَائِرَ لَا يُكَفِّرُهَا إلَّا التَّوْبَةُ، وَقَدْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا الصَّغَائِرُ فَظَاهِرُ قَوْلِهِ آخِرُ الْكِتَابِ: وَالتَّوْبَةُ فَرِيضَةٌ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ أَنَّهَا كَذَلِكَ تَفْتَقِرُ لِتَوْبَةٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الطَّيِّبِ فَظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَغَفَرَ لَهُمْ الصَّغَائِرَ) أَيْ إثْمَهَا (بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ) أَنَّهَا تُكَفَّرُ بِتَرْكِ التَّلَبُّسِ بِالْكَبَائِرِ وَالْإِبْعَادِ عَنْهَا فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى تَوْبَةٍ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: فَيُؤْخَذُ مِنْ الرِّسَالَةِ قَوْلَانِ: وَاعْلَمْ أَنَّ التَّوْبَةَ وَاجِبَةٌ شَرْعًا عَلَى
ــ
[حاشية العدوي]
مَا ظَهَرَ لِي وَعَلَيْكَ بِالتَّحْرِيرِ. [قَوْلُهُ: بِسَبَبِ التَّوْبَةِ] أَيْ فَالتَّوْبَةُ سَبَبٌ شَرْعِيٌّ. [قَوْلُهُ: عَنْ كَبَائِرِ السَّيِّئَاتِ] أَيْ عَنْ الْكَبَائِرِ مِنْ السَّيِّئَاتِ أَوْ عَنْ السَّيِّئَاتِ الْكَبِيرَةِ فَهِيَ إضَافَةُ حَقِيقَةٍ أَوْ إضَافَةُ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ.
[قَوْلُهُ: لَا يُكَفِّرُهَا إلَّا التَّوْبَةُ] أَيْ فَلَا تُكَفَّرُ كَبِيرَةٌ بِتَرْكِ كَبِيرَةٍ أُخْرَى، فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا قَدْ تُكَفَّرُ بِمَحْضِ الْفَضْلِ أَوْ بِالْحَدِّ أَوْ بِالْحَجِّ الْمَبْرُورِ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْحُدُودَ جَوَابِرُ أَيْ كَفَّارَاتٌ لَا زَوَاجِرُ، فَإِنْ زَنَا وَحُدَّ حَصَلَ تَكْفِيرُ الزِّنَا وَإِنْ لَمْ يَتُبْ، وَكَذَا الْحَجُّ الْمَبْرُورُ يُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ، وَأَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ سُقُوطِ قَضَاءِ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّ مِنْ دَيْنٍ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَتَكْفِيرُ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ وَالْكَبَائِرِ لَا يُنَافِي وُجُوبَ التَّوْبَةِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ التَّكْفِيرَ مِنْ الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ الَّتِي لَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهَا إلَّا فِي الْآخِرَةِ خِلَافَ التَّوْبَةِ فَإِنَّهَا مِنْ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ الَّتِي تَظْهَرُ فَائِدَتُهَا فِي الدُّنْيَا، كَرَفْعِ الْفِسْقِ وَنَحْوِهِ، فَهَذَا لَا دَخْلَ لِلْحَجِّ وَغَيْرِهِ فِيهِ بَلْ لَا يُفِيدُ فِيهِ إلَّا التَّوْبَةُ بِشُرُوطِهَا اهـ.
وَوُجِدَ بِخَطِّ الرَّمْلِيِّ الْكَبِيرِ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا صُورَتُهُ: إنَّ أَحْكَامَ الدُّنْيَا كَرَفْعِ الْفِسْقِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّكْفِيرِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ اهـ.
وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ اللَّقَانِيُّ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّغَائِرُ] أَيْ كَقُبْلَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَعْنِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ بَهِيمَةً، وَكِذْبَةٍ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مِمَّا لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا إفْسَادَ بَدَنٍ وَلَا مَالٍ وَلَا ضَرُورَةَ، وَهَجْوِ الْمُسْلِمِ وَلَوْ تَعْرِيضًا، وَهَجْرِ الْمُسْلِمِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَالنَّوْحِ وَالْجُلُوسِ مَعَ الْفَاسِقِ، وَالنَّجْشِ وَالِاحْتِكَارِ الْمُضِرِّ، وَبَيْعِ مَا عَلِمَ مَعِيبًا كَاتِمًا عَيْبَهُ وَالْغِشِّ وَالْخَدِيعَةِ. [قَوْلُهُ: أَنَّهَا كَذَلِكَ تَفْتَقِرُ لِتَوْبَةٍ] وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيُّ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَغَفَرَ لَهُمْ الصَّغَائِرَ إلَخْ أَنَّهَا تُكَفَّرُ، فَقَدْ رَدَّهُ اللَّقَانِيُّ بِأَنَّ التَّوْبَةَ فِي ذَاتِهَا فَرْضٌ تَرَتَّبَ الْخِطَابُ بِهِ عَلَى مُجَرَّدِ مُقَارَفَةِ الذَّنْبِ، وَإِنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَبِهِ قَالَ ابْنُ الطَّيِّبِ] هُوَ أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ مَالِكِيُّ الْمَذْهَبِ [قَوْلُهُ: وَغَفَرَ لَهُمْ الصَّغَائِرَ] أَيْ كُلَّ صَغِيرَةٍ كَانَتْ مِنْ تَوَابِعِ تِلْكَ الْكَبَائِرِ وَمُقَدَّمَاتِهَا، كَالْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ لِلزِّنَا وَدُخُولِ دَارِ الْغَيْرِ دُونَ إذْنِهِ وَفَتْحِ حِرْزِهِ كَذَلِكَ لِلسَّرِقَةِ أَوْ لَا كَشَتْمٍ بِمَا لَا يُوجِبُ حَدًّا إذَا اُجْتُنِبَتْ السَّرِقَةُ مَثَلًا، وَهَلْ أَلْ فِي قَوْلِهِ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ لِلْجِنْسِ الصَّادِقِ بِوَاحِدٍ كَاجْتِنَابِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَحْدَهُ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عج أَوْ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ اللَّقَانِيُّ حَيْثُ قَالَ: أَوْ لَمْ تَكُنْ تَابِعَةً كَشَتْمٍ بِمَا لَا يُوجِبُ حَدًّا إذَا اُجْتُنِبَتْ السَّرِقَةُ وَالزِّنَا وَنَحْوُهُمَا مِنْ بَقِيَّةِ الْكَبَائِرِ. [قَوْلُهُ: أَقُولُ]: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ اللَّقَانِيُّ هُوَ الظَّاهِرُ وَخُلَاصَةُ ذَلِكَ أَنَّ أَلْ فِي الصَّغَائِرِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَفِي الْكَبَائِرِ فِيهَا الْخِلَافُ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ. تَتِمَّةٌ
ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ غُفْرَانُ الصَّغَائِرِ يَحْصُلُ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ قَصَدَ الِامْتِثَالَ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ أَمْ لَا وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا اجْتَنَبَهَا امْتِثَالًا فَلَوْ اجْتَنَبَهَا امْتِثَالًا وَخَوْفًا مِنْ ضَرَرِهَا مَثَلًا فَكَمَنْ اجْتَنَبَهَا لِلثَّانِي فَقَطْ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الِامْتِثَالَ لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ انْفَرَدَ لَتَحَقَّقَ الِاجْتِنَابُ لَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الِاجْتِنَابِ لَهُ خَاصَّةً أَفَادَ ذَلِكَ عج.
[قَوْلُهُ: إنَّهَا تُكَفَّرُ بِتَرْكِ التَّلَبُّسِ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُرَادُ بِاجْتِنَابِهَا مَا يَشْمَلُ التَّوْبَةَ مِنْهَا بَعْدَ ارْتِكَابِهَا لَا مَا يَخُصُّ عَدَمَ مُقَارَبَتِهَا أَصْلًا كَمَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيُّ، وَالْحَالَةُ الْأُولَى تُسَمَّى تَوْبَةً، وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْمُقَارَبَةِ أَصْلًا تُسَمَّى تَقْوَى.
1 / 78