حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

Ali al-Saidi al-Adawi d. 1189 AH
75

حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

Baare

يوسف الشيخ محمد البقاعي

Daabacaha

دار الفكر

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Maaliki
شَرْعًا عَكْسُ السَّيِّئَةِ وَهِيَ مَا يُذَمُّ عَلَيْهَا شَرْعًا، وَالْمُرَادُ مُضَاعَفَةُ جَزَائِهَا، وَالْمُضَاعَفَةُ أَنْوَاعٌ نَقَلْنَاهَا فِي الْأَصْلِ. (وَ) مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى (صَفَحَ) أَيْ تَجَاوَزَ وَعَفَا عَلَى سَبِيلِ التَّفَضُّلِ وَالْكَرَمِ (لَهُمْ) أَيْ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ــ [حاشية العدوي] لِلْأَصْلِيَّةِ الْمَقْبُولَةِ، وَقَدْ تُضَاعَفُ أَفْرَادُ الثَّوَابِ الْمُجَازَى بِهِ عَلَى الْحَسَنَةِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ «مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ثُمَّ يُضَاعَفُ لَهُ كُلُّ حَسَنَةٍ مِنْ الْمِائَةِ بِعَشْرٍ» وَكَذَا لَا تَضْعِيفَ فِي أَجْزَاءِ عِبَادَةٍ غَيْرِ تَامَّةٍ فَلَا تَضْعِيفَ لِتَسْبِيحٍ وَخُشُوعٍ وَتَكْبِيرٍ وَقِرَاءَةٍ مِنْ رَكْعَةٍ فِي صَلَاةٍ قَطَعَهَا الْمُصَلِّي كَمَا حَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي قَطْعِهَا وَاسْتَظْهَرَ اللَّقَانِيُّ أَنَّهَا لَوْ تَمَّتْ تُضَاعَفُ لِكُلِّ ذِكْرٍ وَتَسْبِيحٍ وَقِرَاءَةٍ كَمَا يُضَاعَفُ أَجْرُ نَفْسِهَا. [قَوْلُهُ: مَا يُحْمَدُ الْإِنْسَانُ] أَيْ يَسْتَحِقُّ الْحَمْدَ حُمِدَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا. [قَوْلُهُ: مَا يُذَمُّ] أَيْ يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ. [قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ مُضَاعَفَةُ جَزَائِهَا] أَيْ فَالْحَسَنَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الطَّاعَةِ الَّتِي فَعَلَهَا الْعَبْدُ وَالتَّضْعِيفُ مُتَعَلِّقٌ بِجَزَائِهَا. [قَوْلُهُ: وَالْمُضَاعَفَةُ أَنْوَاعٌ] قِسْمٌ يُضَاعَفُ إلَى عَشَرَةٍ وَهُوَ عَمَلُ الْبَدَنِ كَالذِّكْرِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠] وَقَالَ ﵌: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَقُولُ: أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ: وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقِسْمٌ يُضَاعَفُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، فَفِي الْحَدِيثِ: «صُمْ يَوْمَيْنِ وَلَك مَا بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ الْحَسَنَةُ بِخَمْسَةَ عَشْرَ وَقِسْمٌ بِثَلَاثِينَ»، فَفِي الْحَدِيثِ «صُمْ يَوْمًا وَلَك مَا بَقِيَ فَالْحَسَنَةُ بِثَلَاثِينَ وَقِسْمٌ بِخَمْسِينَ» . فَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَعْرَبَهُ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ خَمْسُونَ حَسَنَةً وَقِسْمٌ بِسَبْعِمِائَةٍ» وَهُوَ نَفَقَةُ الْأَمْوَالِ قَالَ تَعَالَى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ﴾ [البقرة: ٢٦١] إلَخْ وَقِسْمٌ يُضَاعَفُ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ قِيلَ: هُوَ عَمَلُ الْقَلْبِ وَقِيلَ: هُوَ أَجْرُ الصَّائِمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: ١٠] اهـ. وَالْمُرَادُ بِإِعْرَابِهِ مَعْرِفَةُ مَعَانِي أَلْفَاظِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ اللَّحْنَ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ مَعَ فَقْدِهِ لَيْسَتْ بِقِرَاءَةٍ وَلَا ثَوَابَ عَلَيْهَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ. وَقَوْلُهُ: قِيلَ هُوَ عَمَلُ الْقَلْبِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْهَمَّ مِنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ وَلَيْسَ فِيهِ تَضْعِيفٌ. [أَقُولُ] وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّ هَذِهِ الْأَعْدَادَ إمَّا بَيَانٌ لِأَقَلَّ مَا بِهِ التَّضْعِيفُ كَالْآيَةِ وَالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَحَدِيثِ «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَعْرَبَهُ»، وَإِمَّا بِالنَّظَرِ لِحَالِ الْمُخَاطَبِ كَالْحَدِيثَيْنِ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِالصَّائِمِ أَوْ بِحَالِ الْفَاعِلِينَ كَآيَةِ ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: ٢٦١] بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ ﴿وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٦١] وَآيَةِ ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ﴾ [الزمر: ١٠] لَا يُقْصَرُ الصَّابِرُونَ عَلَى الصَّائِمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ عَلَى مُفَارَقَةِ أَوْطَانِهِمْ وَغَيْرِهَا أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ. فِي الْحَدِيثِ: «لَا يُنْصَبُ لَهُمْ الْمِيزَانُ بَلْ يُصَبُّ عَلَيْهِمْ الْأَجْرُ صَبًّا» اهـ. كَلَامُ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ. [قَوْلُهُ: وَعَفَا] عَطْفُ تَفْسِيرٍ [قَوْلُهُ: وَالْكَرَمِ] عَطْفُ مُرَادِفٍ. [قَوْلُهُ: لَهُمْ] اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ لِأَجْلِهِمْ وَجَعَلَهَا تت بِمَعْنَى عَنْ وَجَعَلَ عَنْ كَبَائِرِ السَّيِّئَاتِ بَدَلَ اشْتِمَالٍ مِنْ لَهُمْ. [قَوْلُهُ: الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ] أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْكَافِرِ مَا يَشْمَلُ الْكُفْرَ وَتَوْبَةَ الْكَافِرِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ إسْلَامُهُ وَبِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ الْمَعَاصِي كَالْمُسْلِمِ إلَّا أَنَّ مِنْهَا مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِسْلَامِ كَتَرْكِ الْعِبَادَاتِ الَّتِي تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ، وَمِنْهَا مَا لَا يَتَوَقَّفُ كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ كَمَا قَالَ الْعُلَمَاءُ تَصِحُّ مِنْ بَعْضِ الذُّنُوبِ دُونَ بَعْضٍ هَذَا

1 / 77