والمعنى يوم جزاء الدين، وتخصيص اليوم بالإضافة إما لتعظيمه أو لتفرده تعالى بنفوذ الأمر فيه. وإجراء هذه الأوصاف على الله تعالى من كونه موجدا للعالمين ربا لهم منعما عليهم بالنعم كلها ظاهرها وباطنها عاجلها وآجلها مالكا لأمورهم يوم الثواب والعقاب، للدلالة على أنه الحقيق بالحمد لا أحد أحق به منه بل لا يستحقه على الحقيقة سواه.
إلى طاعته. قوله: (والمعنى يوم جزاء الدين) يعني أن المعنى سواء كان المراد بالدين ههنا الشريعة أو الطاعة هو مالك يوم جزاء الدين بتقدير الجزاء مضافا إلى الدين وقولنا مالك يوم جزاء الطاعة معناه كمعنى مالك يوم الدين على تقدير أن يكون الدين بمعنى الجزاء. وأما معنى مالك يوم جزاء الشريعة فمحمول على معنى مالك يوم جزاء التعبد بأحكام الشريعة ولما كان كل واحد من المعنيين غير خال عن التكلف آثر كون الدين بمعنى الجزاء ولم يرض بهما. قوله: (وتخصيص اليوم بالإضافة) أي بإضافة مالك إليه مع أنه تعالى مالك للأمور كلها في جميع الأيام والأوقات أو بإضافة ملك إليه إن قرىء بدون الألف. قوله: (لتعظيمه) علة للأول أي لتعظيم ذلك اليوم فإنه يوم عظيم الهول أي عظمة حيث تعرض فيه الخلائق على الملك العدل العلام وقوله: «أو لتفرده تعالى بنفوذ الأمر فيه» علة للثاني فإنه تعالى منفرد بالملك في ذلك اليوم لزوال تلك الملوك وانقطاع أمرهم ونهيهم فهذا كقوله تعالى:
الملك يومئذ الحق للرحمن [الفرقان: 26] واليوم في اللغة الوقت مطلقا ليلا كان أو نهارا طويلا كان أو قصيرا، وفي العرف هو المدة من طلوع الشمس إلى غروبها، وفي الشرع ما بين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس. والمراد في الآية مطلق الوقت لعدم الشمس.
قوله: (من كونه موجدا للعالمين ربا لهم) يدل على هذه الصفة لفظ الرب فإنه سواء كان مصدرا وصف به للمبالغة أو نعتا بمعنى المربي يشتمل على معنى التربية التي هي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا وهو كما يكون بزيادة توابع أصل الموجود من الكمالات يكون أيضا بإفاضة أصل الوجود وبقائه لما ثبت في علمه الأزلي فإن إفاضة أصل الوجود له من قبيل التربية، وأيضا كونه مالكا له ومتصرفا فيه بالأمر والنهي إنما يكون لكونه موجدا. قوله:
(منعما عليهم إلى قوله وآجلها) يدل عليه قوله الرحمن الرحيم. قوله: (للدلالة) خبر لقوله:
«وإجراء هذه الأوصاف على الله تعالى» وقوله: «لا أحد أحق به» تأكيد للقصر المستفاد من قوله: «أنه الحقيق بالحمد» بأنه قصر قلب قصد به رد من زعم انفراد غيره تعالى بكونه أحق بالحمد والقانون في قصر القلب أن يذكر بلاغة وفي قصر الأفراد هو الذي يرد به زعم مشاركة غير المقصور عليه في الحكم أي يؤكد بنحو وحده والظاهر أن ينفي في التأكيد المذكور نفس ما أثبت للمقصور عليه، وهو كونه حقيقا بالحمد إلا أنه نفيت الأحقية للإشعار بأن أصل الاستحقاق ثابت لغيره تعالى. ثم بين بطريق الأضراب أن استحقاق الغير للحمد
Bogga 76