[الأعراف: 44] أوله الملك في هذا اليوم على وجه الاستمرار لتكون الإضافة حقيقية معدة لوقوعه صفة للمعرفة. وقيل: الدين الشريعة. وقيل: الطاعة.
فاشترط لعمله تقويته بذكر ما يخصص تلك الذات المبهمة قبله سواء كان ذلك المخصص مبتدأ في التركيب نحو زيد ضارب عمرا، أو كان مبتدأ في الأصل نحو كان زيد ضاربا عمرا وأن زيدا ذاهب أبوه، أو موصوفا نحو جاءني رجل ضارب زيدا، أو ذا الحال نحو جاءني زيد راكبا جملا. فإن قلت: قد مر أن المسألة أوقعت موقع المفعول به وأضيف إليها سارق من غير تقدير في فكيف ينصب به أهل الدار أيضا؟ أجيب عنه بأن إجراء الظرف مجرى المفعول به لا يغني عن تقديره بل لا بد أن يقدر كما أشار إليه بقوله: «ومعناه ملك الأمور يوم الدين» فعند عدم ذكر المفعول به لا يوجب أن يكون الظرف مفعولا به حقيقة حتى يستغنى عن تقدير المفعول به وأن المقصود الأصلي من هذا الاتساع هو الظرفية أيضا على طريق الكناية بناء على أن مالكية يوم الدين مستلزمة لمالكية الأمور الواقعة فيه كلها إلا أنه عدل عن الأصل إلى طريق الاتساع لكونه أبلغ منه، فإنك إذ تأملت فيما بين أن يقال فلان صاحب الزمان ومالك الأمر وبين أن يقال مالك الأمور في الزمان وجدت الأول أبلغ وأدل على الاستغراق لأمور المملكة وعمومها لأن تملك الزمان يستلزم تملك ما فيه على أبلغ وجه، ولما كان المقصود من العدول إلى طريق الاتساع مجرد الدلالة على هذا الاستغراق والعموم قصر اعتباره على إفادة هذا المقصود ولم يعتبر في حق غيره لأن ما يعتبر لأجل الضرورة يكون اعتباره بقدر ما تندفع به الضرورة فلما كان إجراء الظرف مجرى المفعول به لأجل إفادة هذا المقصود ولم يغن الإجراء المذكور عن تقدير المفعول به وتعدية اللفظ إليه على طريقة ونادى أي على طريق تنزيل المستقبل المحقق الوقوع منزلة الماضي، وهذا إشارة إلى دفع ما يقال: كيف يصح أن يكون مالك بمعنى الماضي وأن يكون المعنى ملك الأمور يوم الدين مع أن المعنى على ظرفية يوم الدين وهو لم يجىء بعد؟ قوله: (أو له الملك) بكسر الميم أي المالكية أي. ويحتمل أن لا يكون مالك بمعنى الماضي بل يكون لمجرد إثبات المالكية له تعالى يوم الدين فيدل على مجرد الاستمرار مع قطع النظر عن تقييدها بأحد الأزمنة.
قوله: (لتكون الإضافة حقيقية) تعليل لكون المعنى على أحد الوجهين المذكورين المضي والاستمرار. قوله: (وقيل: الدين الشريعة) وهي ما شرعه الله تعالى لعباده من الدين أي سن ووضع قال تعالى: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا [المائدة: 48] أي شريعة وطريقا وقال: ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله [النور: 2] أي في شريعته وقضائه وحكمه.
وقيل: الطاعة كما في قوله تعالى: ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله [فصلت: 33] أي
Bogga 75