الاختصاص، وأدخل في التعظيم وأوفق للوجود. فإن اسمه سبحانه وتعالى مقدم على القراءة كيف لا؟ وقد جعل آلة لها من حيث إن الفعل لا يتم ولا يعتد به شرعا ما لم والاهتمام لا يصلح أن يكون وجها للتقديم من غير أن يفسر وجه الاهتمام بشيء ، فمراده بالأهمية الأهمية المطلقة. ثم اعلم أن صيغة أهم وما بعدها من صيغ أفعل التفضيل قد استعملت بلا أحد الأشياء الثلاثة التي هي الإضافة أو حرف التعريف أو كلمة «من» فإما أن يقال إن المفضل عليه إذا كان معلوما وكان أفعل خبرا جاز ذلك الاستعمال كما في الله أكبر، وفي قول الشاعر:
إن الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتا دعائمه أعز وأطول
أو يقال: جردت عن معنى التفضيل وأولت باسم الفاعل أو الصفة المشبهة كما في قوله تعالى: وهو أهون عليه [الروم: 27] إذ ليس شيء أهون عليه من شيء ويندفع بهذا ما يقال من أن قوله: «أدل على الاختصاص وأدخل في التعظيم وأوفق للوجود» إنما يستقيم إذا كان للكلام على تقدير تأخير المعمول دلالة على الاختصاص ودخل في التعظيم وموافقة للوجود. فأوجه ذلك ووجه الاندفاع بما ذكر أنه إنما يرد على تقدير بناء صيغة أفعل على معنى التفضيل لا على تقدير تجريدها عنه، فإن المعنى على تقدير التجريد أن تقدير المعمول ههنا أوقع للدلالة على المعمول من حيث التقديم على اختصاص قراءة الموحد بملابسة اسم الله تعالى على وجه التبرك من غير أن يشارك اسمه تعالى أسماء الأصنام في استحقاق ملابسة القراءة بأسمائها أيضا على وجه التبرك، فإن المشركين كانوا يبدؤون أفعالهم ملتبسين بأسماء آلهتهم على وجه التبرك بها ويقولون: باسم اللات وباسم العزى وكان هذا التقديم منهم لمجرد الاشتمام الناشىء عن قصد التبرك والتعظيم لا للاختصاص لأنهم لا يمتنعون عن التبرك باسم الله تعالى أيضا من حيث إنهم يعتقدون أن الله تعالى خالق السموات والأرض وأنه على كل شيء قدير، فوجب على الموحد أن يقصد بعبادته محض قطع شركة الأصنام له تعالى في استحقاق التبرك بذكر أسمائها ويقصره به تعالى قصر إفراد. وكذا معنى قوله: «وأدخل في التعظيم» أن المعمول من حيث التقديم يفيد تعظيم اسم الله تعالى لأنهم كانوا يقدمون الأشرف فالأشرف، وقوله: «أوفق للوجود» يعني أن المعمول من حيث التقديم موافق للوجود فإن اسمه تعالى مقدم في الوجود على فعل القراءة لأنه تعالى واجب الوجود سابق على جميع الموجودات واسم السابق سابق.
قوله: (كيف لا) أي كيف لا يكون اسمه تعالى مقدما على القراءة وجعل آلة لها، ومن المعلوم أن آلة الفعل مقدمة على ذلك الفعل من حيث توقف الفعل
Bogga 34