كما في قوله: بسم الله مجراها [هود: 41] وقوله: إياك نعبد. لأنه أهم وأدل على وقوله: «ههنا» أي في البسملة الواقعة في أوائل السور احتراز عن قوله تعالى: اقرأ باسم ربك [العلق: 1] فإن تقديم العامل هناك أوقع من تقديم المعمول وأهم لأن سورة اقرأ أول سورة نزلت من القرآن إلى قوله: ما لم يعلم على القول الأصح، ولا يعارضه ما قيل من أول ما نزل من القرآن هو الفاتحة لأن المراد منه أن أول سورة نزلت بتمامها هي سورة الفاتحة، ولا ينافيه بعض من سورة أخرى قبل الفاتحة فلما كان قوله تعالى: اقرأ باسم ربك إلى قوله: ما لم يعلم [العلق: 5] أول ما نزل من القرآن ليقرأ ويتدبر آياته كان الأمر بالقراءة أهم فيه والأهم أقدم، فإن اسم الله تعالى من حيث إنه اسمه وإن كان أهم عند المؤمن على كل حال إلا أنه قد يكون شيء آخر أهم بحسب خصوصية المقام فيقدم عليه غيره لاقتضاء المقام تقديمه. قوله: (كما في قوله بسم الله مجراها) ليس هذا من تقديم المعمول على العامل لأن قوله: مجراها لا يخلو إما أن يكون مصدرا فعلى هذا ليس منه لأن معمول المصدر لا يتقدم عليه أو اسما للزمان أو المكان ومن المعلوم أن كل واحد منهما لا يعمل اتفاقا كما بين في الصرف، فالتمثيل إنما هو في مجرد كون التقديم أوقع مع قطع النظر عن كون المقدم معمولا للمؤخر أولا. وهذا الكلام مبني على أن قوله تعالى:
بسم الله مجراها [هود: 41] على معنى أن إجراءها إنما هو بسم الله لا بغيره من هبوب الريح مثلا كما يتوهمه العوام، وكذا إرساؤها إنما هو بسم الله لا بغيره كإلقاء المرساة مثلا إلا أن المختار عند المصنف أن يكون قوله: بسم الله متعلقا باركبوا حيث جعله أولا حالا من واو اركبوا أي اركبوا فيها مسمين الله أو قائلين باسم الله وقت إجرائها وإرسائها أو مكانهما على أن يكون المجرى والمرسى اسما للوقت أو المكان أو المصدر الذي حذف منه الزمان المضاف وأقيم هو مقامه كما في: أتيتك خفوق النجم. ثم قال: أو جملة من مبتدأ وخبر وتأخير هذا الاحتمال يدل على أنه احتمال مرجوح عنده. قوله: (لأنه أهم) تعليل لكون تقديم المعمول ههنا أوقع. نقل عن الشيخ عبد القاهر أنه قال: إنا لم نجدهم اعتمدوا في التقديم على شيء يجري مجرى الأصل فيه غير العناية والاشتمام بشأن المقدم لكن ينبغي أن يفسر وجه العناية بشيء يصلح سببا للاهتمام، وقد ظن كثير من الناس أنه يكفي أن يقال قدم للعناية والاهتمام من غير أن يذكر أنه من أين كانت تلك العناية وبم كان المقدم أهم.
وهذا المنقول يفهم منه أن يكون كل واحد من الأمور الأربعة وجها مستقلا لكون تقديم المعمول ههنا أوقع فينبغي أن يكون مراد المصنف بالأهمية العارضة للمعمول من حيث إنه اسمه تعالى فإن ذكر المعبود بالحق الذي بيده الأمر كله يقتضي الأهمية للمؤمن لا سيما عند الشروع في أمر ذي بال وهو أهم عنده من كل شيء، والذي ذكره الشيخ من أن العناية
Bogga 33