قوله: «لكن في سفر يبلغ ثلاثة أيام فصاعدا» أي وإن لم يختلف في جواز قصره، وإلا كأن كان يديم السفر فالإتمام أولى. قوله: «فإن لم يبلغها» أي ولم يترك القصر رغبة عنه، أو شكا في جوازه، وإلا فالقصر أولى بل يكره تركه.
قوله: «ومن قال القصر مكروه» إلى آخره جواب سؤال مقدر تقديره: إن قضية كلام المصنف أن الرخصة لا توصف بالكراهة، كما لا توصف بالحرمة، والماوردي قد وصفها بها في أقل من ثلاثة مراحل؟ فأجاب: بأنه أراد بالكراهة خلاف الأولى، لا ما اقتضاه النهي المخصوص، وقد يقال: فيه نظر، لأن الرخصة إنما لم توصف بالحرمة لصعوبتها مطلقا، وهذا منتف في الكراهة كخلاف الأولى، لأنهما سهلان بالنسبة إلى الحرمة، لكن وصف الرخصة بهما ينافيه ظاهر خبر «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه» وعلى ظاهر كلام الماوردي، فأقسام الرخصة: خمسة عشر حاصلة من الانتقال من حرام إلى الخمسة الباقية، ومن واجب إلى ما عداه والحرام، ومن مندوب إلى مباح، ومن مكروه إلى خلاف الأولى إلى مباح إلى مندوب، ومن خلاف الأولى إلى مباح إلى مندوب، وعلى ما قاله المصنف ثلاثة عشر هكذا افهم، ولا تغير بما يخالف ذلك.
صاحب المتن: ومباحا، وخلاف الأولى،
الشارح: «ومباحا» أي السلم. «وخلاف الأولى» أي فطر المسافر لا يجهده الصوم، فإن جهده فالفطر أولى. وأتى بهذه الأحوال اللازمة، لبيان أقسام الرخصة، يعني الرخصة كحل المذكورات، من وجوب وندب وإباحة وخلاف الأولى. وحكمها الأصلي الحرمة، وأسبابها الخبث في الميتة، ودخول وقتي الصلاة والصوم في القصر والفطر، لأنه سبب لوجوب الصلاة تامة، والصوم، والغرر في السلم، وهي قائمة حال الحل وأعذاره الاضطرار، ومشقة السفر، والحاجة إلى ثمن الغلات قبل إدراكها ....
المحشي: قوله: «ومباحا أي السلم» قال البرماوي، وما قيل: إنه قد يندب بأن احتيج إليه في مال الصبي ضعيف، لأن ذلك لأمر عارض لكونه مصلحة، لا لخصوص كونه سلما.
قوله: «الرخصة كحل المذكورات» جملة اسمية في محل المفعول ب «يعني».
قوله: «وحكمها» أي المذكورات. وقوله: «وأسبابها» أي الحرمة.
وقوله: «لأنه سبب لوجوب الصلاة تامة والصوم» أي فكان سببا لحرمة الصلاة مقصورة ولحرمة ترك الصوم.
قوله: «وأعذاره» أي الحل. ولما كانت السهولة في أكل الميتة قد تخفى لما في وجوبه ...
تعريف العزيمة
صاحب المتن: وإلا فعزيمة.
الشارح: وسهولة الوجوب في أكل الميتة لموافقته لغرض النفس في بقائها. وقيل: إنه عزيمة لصعوبته من حيث إنه وجوب ومن الرخصة إباحة ترك الجماعة في الصلاة، لمرض أو نحوه، وحكمه الأصلي الكراهة الصعبة بالنسبة إلى الإباحة، وسببها قائم حال الإباحة، وهو الانفراد فيما يطلب فيه الاجتماع من شعائر الإسلام.
«وإلا» أي وإن لم يتغير الحكم كما ذكر بأن لم يتغير أصلا كوجوب الصلوات الخمس، أو تغير إلى صعوبة، كحرمة الاصطياد بالإحرام بعد إباحته قبله، أو إلى سهولة لا لعذر، كحل ترك الوضوء لصلاة ثانية مثلا، لمن لم يحدث بعد حرمته، بمعنى أنه خلاف الأولى، أو لعذر لا مع قيام السبب للحكم الأصلي، كإباحة ترك ثبات الواحد مثلا من المسلمين للعشرة من الكفار في القتال بعد حرمته، وسببها قلة المسلمين، ولم تبق حال الإباحة لكثرتهم حينئذ، وعذرها مشقة الثبات المذكور لما كثروا «فعزيمة» أي فالحكم غير المتغير،
المحشي: من الصعوبة بينها بقوله: «وسهولة الوجوب في أكل الميتة» الخ.
قوله: «الكراهة الصعبة بالنسبة إلى الإباحة» أي لأنها تقتضي اللوم على الفعل بخلاف الإباحة، وإن شاركتها في عدم الإثم.
وقول المصنف «وإلا فعزيمة» يشمل الأحكام كلها. وقد مثل الشارح لأكثرها.
Bogga 36