وانهال الرجل على ابنه لطما حتى خارت قواه من شدة السكر فتهاوى على الأرض فاقد الوعي.
وندت ضحكة، ثم ساد الصمت وقال صوت: قتلت أباك يا شمس الدين.
وقال آخر: حتى الشهادة لم ينطق بها!
وانكب شمس الدين على أبيه يلبسه ثيابه، ثم حمله بين يديه، ومضى به مشيعا بقهقهات غليظة ساخرة.
22
أفاق المعلم جلال بعد قليل فوق فراشه بمسكنه الشرعي. جالت عيناه الحمراوان فيما حوله فرأى عفيفة وشمس الدين ومعالم الحجرة الكريهة. سرعان ما تذكر كل شيء. إنه الليل، وكان ينبغي أن يكون في فراش دلال. وهذا الفتى قد جعل منه سخرية السكارى وأعدم هيبة الأبوة. جلس في الفراش وهو ينفخ. وثب إلى الأرض. انقض على شمس الدين وراح يكيل له الضربات. رمت عفيفة نفسها بينهما باكية. تحول جلال إليها فاقد الرشد. قبض على عنقها وشد بوحشية. عبثا حاولت المرأة التخلص من قبضتيه. تجلت في وجهها اليائس معالم الاختناق والموت. صاح شمس الدين: دعها، إنك تقتلها!
لم يحفل به منتشيا بوحشية الجريمة. فزع شمس الدين إلى مقعد خشبي فرفعه وهوى به على رأسه بقوة جنونية.
23
حل هدوء ثقيل محل الصراخ والانفعال الأحمر. استلقى المعلم جلال فوق فراشه مضرجا في دمه. اقتحم المسكن جيران، وجاء أيضا مجاهد إبراهيم شيخ الحارة. وقدم الحلاق لتقديم الإسعافات الضرورية وإيقاف الدم السائل، على حين انزوى شمس الدين في زاوية مستسلما للأقدار.
وغاب الزمن تماما. وانداحت لحظة ساخرة مفعمة بكافة الاحتمالات.
Bog aan la aqoon