واعلم أنه لا يقيس ولا يجتهد إلا من عرف الأصول، والفروع، والمعقول، والمسموع؛ لأنه إذا أفتى بغير علم زل، وضل بغير شك وأضل، وبسبب ذلك هلك أكثر الناس، وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (خمس خذوهن عني فلو رحلتم المطي لانظبتموهن قبل أن تجدوا مثلهن: لا يخشى العبد إلا ربه، ولا يخاف إلا ذنبه، ولا يستحي من لا يعلم أن يتعلم، ولا يستحي العالم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم، ومنزلة الصبر من الإيمان كمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له.
واعلم أن ما ورد عن النبيء صلى الله عليه وآله وسلم مطلقا فإنه يقتضي الوجوب في الأمر، والتحريم في النهي، إلا ما خصه الدليل، مثال ذلك في الأمر: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من مسح سالفتيه أمن من الغل يوم القيامة))، فلما قاله على وجه الترغيب في الزيادة، ولم يأمر به مطلقا، علم أن مسح الرقبة مع الرأس سنة.
ومثله: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك)) فصح أنه سنة.
وفي النهي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا تستقبلوا القبلة لغائط ولا لبول )). وروي عن ابن عمر قال: اطلعت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (وهو) يقضي حاجته محجورا عليه بلبن، فرأيته مستقبل القبلة، فصح أنه مكروه غير محرم.
Bogga 65