212

Sidaasuu Zarathustra Ku Hadlay: Buug loogu talagalay Qof Walba iyo Qofna

هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد

Noocyada

لم أحمل على عاتقي صليبا لأذهب مفتشا عما إذا كان الإنسان شريرا، بل وقفت هاتفا بما لم يهتف سواي بمثله فقلت: «يا للأسف! أن يكون أعظم شر في الإنسان وأعظم خير فيه لا يتجاوزان هذه الصغارة.»

إن هذا الاحتقار العظيم للناس هو الثعبان الذي تغلغل في حلقي، فكاد يخنقني كما كاد يخنقني أيضا ما أنبأ به العراف إذ قال: كل الأشياء متساوية ولا شيء يستحق العناء، فالمعرفة تخنق طلابها.

وهكذا رأيت الغسق ينسحب متعارجا أمامي، وسمعت صوتا حزينا متعبا كأنه نبرات سكران يراوده الموت يقول لي: «سيعود دورا فدورا إلى الأبد الإنسان الذي يرهقك؛ الإنسان الصغير.»

ذلك كان حزني المتعارج غسقا طال انسحابه؛ فأورثني الأرق ورأيت أرض البشر تستحيل أمامي إلى مغارة اتسع صدرها ضاما إليه كل حي، فلاح لي كل شيء ركام أقذار وأكوام عظام وردوم قرون.

ذهب زفيري يجول بين المدافن متراميا على لحود الناس ملتصقا بها، وقد حكم عليه إلا يغادرها؛ فبات هنالك منتحبا يشكو ويردد ليلا ونهارا: «وا أسفاه إن الإنسان سيعود، سيعود الإنسان الصغير دورا فدورا إلى الأبد.»

ولقد رأيت الناس من قبل، رأيت كبيرهم وصغيرهم، فما أشبه الأكبر بالأصغر فيهم فكلهم مستغرق في بشريته.

ما أصغر الأكبر بين الناس! ويا للشقاء في أن يعود الصغار أبدا. إن هذا ما يرهقني من الوجود.

واندفع زارا يردد قوله: يا للكراهة ... يا للكراهة، وهو يتنهد ويرتعش متذكرا داءه وأوجاعه.

وقاطعه نسره وأفعوانه قائلين: توقف عن الكلام، أيها الناقه، اخرج من هنا واذهب إلى حيث تنتظرك الدنيا في حدائقها، إلى الورود والنحل والحمام، وقف عند أسراب الأطيار المترنمة لتتعلم أناشيدها، وما أجدر الناقهين بالإنشاد! فإن المتمتعين بالعافية يتكلمون وإذا هم تغنوا فبغير ما يتغنى به الناقهون.

فقال زارا: اسكتا أيها الأحمقان أراكما عرفتما السلوى التي أوجدتها لنفسي في سبعة أيام، ولسوف أعود إلى الإنشاد الذي أوجدته للسلوى فيكون لي منه الشفاء، أفتريدان أن أعدل عن هذا أيضا.

Bog aan la aqoon