Sheekada Ciise Ibnu Hishaam
حديث عيسى بن هشام
Noocyada
وأنا لا أقبل الدخول فيها إلا إذا كانت «أسهمي» في التأسيس أكثر من فلان.
الأول :
وأنا لا أقبل أن يكون فلان رئيسا علي في شركة أبدا.
قال عيسى بن هشام: واشتد بينهم الجدال والخصام فحملقت العيون وعبست الوجوه وتحركت الضغائن وثارت الأحقاد، ورأينا كل واحد منهم يضمر لأخيه من الشر والأذى، ما لا يضمره القرن لقرنه في ساحة الوغى، فانصرفنا عنهم وتركناهم يموج بعضهم في بعض، كأنهم في موقف الحشر ويوم العرض.
أرباب الوظائف
قال عيسى بن هشام: وسرنا إلى زيارة مجلس من أرباب الحكم والولاية، وذوي السياسة والدراية، ممن بيدهم حل الأمور وعقدها، وبملكهم شقاء الأمة وسعدها، الناشئين في مهد المعارف والعلوم، والنابغين في أشتات المنطوق والمفهوم، والموصوفين بدقة النظر وبعد الهمم، والواقفين على أخلاق الخلق وعادات الأمم، الذين تنكشف لضوء آرائهم غياهب الخطوب الداجية، وتنقاد للطف سياستهم أزمة القلوب الآبية، فوصلنا إلى دار يزهر بياضها، ويبهر إيماضها، قد ضربت عليها المحاسن أطنابها، وخلعت عليها الزخارف جلبابها، فسار بنا الخدم إلى حجرة في جانب الساحة، أعدت للانتظار والاستراحة، وإذا برجل جالس فيها يتمايل بين يقظان ووسنان، فرأسه كرة والكرى صولجان، فلما أحس بقدومنا ودخولنا عليه، انتبه يزيح النعاس بإصبعه عن عينيه، فسلمنا فسلم، وهو يتثاءب ويتلعثم، فتخيلناه من ظاهر جملته، وبذاذة هيئته، أنه صانع من الصناع أو تبع من الأتباع، ولكن ما لبث أن ظهر لنا من مخاطبته للغلام، أنه ذو رحم في البيت وذو مقام.
ثم التفت إلينا يخاطبنا ويقول، بعد أن ذهب الخادم مستأذنا في الدخول: «قبح الله الخدم، فهم نقمة من النقم، شرهم حاضر، وخيرهم نادر، والعناء بهم ليس له آخر، فكم أغضبوا حليما، وآذوا كريما، وكم كسروا الصحيح، وخلطوا الصريح، وكم ارتكبوا جرما وإثما، وجاءوا إفكا وظلما وكم فتحوا الأغلاق، واختلسوا الأعلاق، وكم أحدثوا الشقاق وأذهبوا الوفاق، وكم فرقوا بين المرء وأهله، وحالوا بين الفرع وأصله، ولعنة الله عليهم في الدارين، فقد ذقت منهم الأمرين، وكادت تصل بنا أفعالهم الشنيعة إلى ما لا يحمد من الجفاء والقطيعة، وابني حرسه الله ينظر ويغضي، ويتحمل منهم ما لا يرضي، وهم يتجنون علينا وينتصرون، وإذا أمرتهم بأمر لا يأتمرون، ويشهد الله أنني كلما رأيت مال ابني في أيديهم يتبعثر ويتبدد، وثقته بهم تتضاعف وتتجدد، ذاب الفؤاد فسال من العيون، مشوبا بماء الشؤون،
1
وأما وكيل البيت، وما أدراك ما الوكيل، فحسبنا الله ونعم الوكيل، فتى لا تخطئ في النفاق مخيلته، ولا تطيش في البيت حيلته، دأبه المكر والخداع، وديدنه الشقاق والنزاع، يرضى طفلا، ليسخط كهلا، ويتملق للجارية في الحرم، وللوصيف من بين الخدم ...»
هذا، وما زال الرجل يشكو ويتضجر، ويتأفف ويتحسر، فلم ينقذنا من هذه الشكوى التي تصم الآذان، إلا رجوع الغلام بجواب الاستئذان، فانتهينا من شقشقة لسانه، وحمدنا الله على كرمه وإحسانه، ثم اقتفينا أثر الغلام إلى حجرة بادية الرواء، مضيئة بالكهرباء، مفروشة بأثمن فراش، وأبدع رياش، على اختلاف في الأجناس والأنواع، وتباين في الأشكال والأوضاع، فالتحفة الشرقية، تقابلها الطرفة الغربية، وآنية الذهب يضارعها آنية الخشب، فوجدنا المجلس حافلا بأهل الولاية والقضاء، من الرؤساء والوكلاء، فأخذنا مجلسنا نستمع ما يدور من السمر، ونجني من أدبهم ما يحلو من الثمر، ودونك بعض ما اقتطفنا وجنينا، وسمعنا ووعينا:
Bog aan la aqoon