Sheekada Ciise Ibnu Hishaam
حديث عيسى بن هشام
Noocyada
وخوف الردى آوى إلى الكهف أهله
وعلم نوحا وابنه عمل السفن
وما استعذبته روح موسى وآدم
وقد وعدا من بعده جنتي عدن
ولكنني لا أزيدك في الموعظة ولا أخفف عنك من ويلات الهواجس والوساوس بأحسن من أن أقرأ عليك مقالة نافعة اطلعت عليها اليوم في بيان أحوال الناس، وتقسيم طبقاتهم في أهوال هذا الوباء، فإن أردت تلوتها عليك، ثم ضع نفسك بعدها حيث شئت.
الباشا :
هات أسمعني لا زلت للحق راويا، وللهدى داعيا.
عيسى بن هشام (قارئا) : «إنما النوازل العظيمة والخطوب الجسيمة محك الطباع ومسبار الأخلاق، فهي لشدتها وهولها تكشف عن الناس ما يخفونه عن الناس، وتهتك سجوف التمويه والتزويق عن حقائق الصفات، فلا تتمالك النفوس أن تبقى على التظاهر بما ليس فيها، ولا التطاول بما هو مفقود لديها، بل تتجلى للناظر بما اشتملت عليه ضمائرها واحتوته سرائرها من قوة أو ضعف ومن فضيلة أو نقيصة ومن علم أو جهل، وهنا يتمكن الباحث في الأخلاق من النظر فيها نظرة التثبت والتحقق وهي مجردة أمامه من كل غشاء، عارية من كل غطاء». «وليس في باب النوازل والخطوب ما يهول النفوس ويروع القلوب أعظم ولا أكبر من مصيبة الموت وبلاء هذا الوباء؛ فلذلك لا نرى بأسا من الكلام بشيء عما يجده المستقرئ لأحوال الناس من طبقات المصريين وهم بين أيدي هذه النازلة العظمى والمحنة الكبرى». «فطبقة العامة أناس جبلوا في مثل هذه النوازل العامة على التسليم لأحكام القضاء وتفويض الأمر لأقدار السماء، وهم لا يعلمون من أمر الوباء، ما جراثيم الداء، ولا علة المرض والشفاء، ولا سبب الهلاك والنجاء، وليس في قدرة قادر من البشر أن يزحزحهم عن اعتقادهم أو يحولهم عن يقينهم، ولا في استطاعة أحد من أبلغ الوعاظ وأفصح الخطباء أن يضع في رءوسهم أن الوقاية تمنع من المقدور، وأن الحذر ينجي من المكتوب، وأن طب الأطباء يؤجل في الأجل المحدود، وأن صنوف الدواء تنفع في رد القضاء المحتوم، وهم يرون كل ما يؤمرون به من وسائل الوقاية وأسباب الحيطة أمورا تضر ولا تنفع فلا تزيد في عمرهم ساعة، ولا تكف عنهم غرب المنون، ولا تفيض دونهم يد قابض الأرواح، فهم بمعزل عن الخوف والهلع، وفي أمان من الذعر والفزع، وفي ضمان من الوسواس والهواجس، وإن كانوا مقيمين في غفلة عما يجب عليهم لأنفسهم من المحافظة على صحة الأبدان، وتعهد الأجسام بما يدرأ عنها الاستعداد لقبول الداء والوقوع في مخالب الوباء؛ لبعدهم عن فهم قوله عليه الصلاة والسلام: «اعقلها وتوكل.» لكنهم لا يزالون على كل حال في صحة من الأرواح وإن أعوزتهم صحة الأبدان». «وطبقة الخاصة ونعني بهم أهل الدين واليقين، وهم الذين يعتمدون أيضا على التسليم لأحكام القضاء وحسن الاعتقاد بتحديد الآجال، والإيمان بأنه لن ينالهم إلا ما قدره الله لهم، ولا تفتأ تجري ألسنتهم في مثل هذه الأهوال بتلاوة الآيات البينات من كتاب الله: و
لكل أجل كتاب ؛
فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ؛
Bog aan la aqoon