شكل 2-5: سقف بيت عربي قديم في القاهرة (من صورة فوتوغرافية التقطها المؤلف). (3) الأعياد والاحتفالات: الولادة، والختان، والزواج، والدفن (3-1) الولادة والختان
الولادة من أفراح العرب الخاصة، والختان من أفراحهم العامة، فإذا بلغ الصبي السنة السادسة أو السابعة من عمره ختن، ويوم الختان يسار بالصبي في موكب عظيم في المدينة لابسا أفخر الثياب، مبرقع الوجه، راكبا حصانا مجهزا بأثمن عدة، ومخفرا بأولاد آخرين لابسين مثله، ويتقدم الموكب الحلاق الذي سيختنه ورجال الموسيقا، ويعترض النساء بين الفينة والفينة للموكب مزغردات، ثم يصل الموكب إلى المسجد المنار بأبهى الأنوار، ثم يسار منه إلى بيت الأبوين؛ ليتناول الناس الطعام من مائدتهما، ثم يبدأ بالألعاب التمثيلية في الغالب، ويختن الحلاق الصبي عند الانتهاء من الأكل وعلى صوت الصنوج خنقا لصوته، ويحيي المدعوون الكثيرون ليلتهم بشرب المرطبات والقهوة والنارجيلات. (3-2) الزواج
تعد حفلات الزواج من الأفراح كحفلات الختان، وأقتصر الآن على بيان الأعراس دراسا في فصل آخر حال المرأة في الشرق: حينما يرغب الفتى في الزواج يفوض إلى امرأة كبيرة العمر أن تبحث له في الأسر عن الفتيات الصالحات للزواج، ويختار واحدة ممن وصف له جمالهن وكمالهن، ثم يفوض إلى شخص أمر خطبها، وتسأل المخطوبة عن رأيها صورة، ولا يكون لديها ما يسوغ رفضها تزوجه ما دامت لا تراه إلا بعد عقد الزواج، ثم يفاوض الخطيب أباها في مقدار مهرها، وذلك لأن الرجل هنالك، لا المرأة كما في أوربة، هو الذي يدفع المهر، فإذا تمت المفاوضة جاء الخطيب ومعه أصدقاء له إلى بيت حماه حيث يكون منتظرا إياه هو وبعض الأصدقاء والشهود وأحد الكتبة، وعندئذ يلفظ بصيغة العقد الشرعية، ويدون الكاتب ما وقع، وبهذا يكون عقد النكاح قد انتهى شرعا، ومن هنا ترى أن ذلك الزواج عقد خاص لا يتطلب تأييدا دينيا أو مراسم مدنية، ولا تزف العروس إلى زوجها إلا بعد أيام تقام فيها الحفلات، وترسل العروس المبرقعة في موكب مؤلف، من الأصحاب والموسيقيين إلى الحمام، ثم تعود إلى بيت أبيها حيث الموائد، وتبعث مبرقعة في اليوم التالي إلى بيت زوجها المعد المنار بعناية لاستقبالها، وذلك في وسط موكب تتقدمه جماعة من الموسيقيين والمهرجين والمصارعين، فإذا ما انصرف الناس أمكن الزوج أن يرفع النقاب عن زوجه وأن يتأملها لأول مرة.
شكل 2-6: نافذة في قاعة الحريم من قصر أسعد باشا بدمشق (من صورة فوتوغرافية التقطها المؤلف).
ولا تقام تلك الحفلات إلا في الأحوال التي يكون فيها عقد نكاح، وعندما لا يصار إلى طريقة عقد النكاح يذهب المرء إلى أسواق النخاسة الكثيرة التي لا تزال موجودة في الشرق، ولا سيما في القاهرة، مع إنكار وجودها في الكتب، ويأخذ واحدة من الإماء الشركسيات أو الكرجيات الحسان بمبلغ قد يصل أحيانا إلى ستة آلاف فرنك، وتكون هذه الأمة من الأسرة، وتكون لأولادها ما لأولاد الزوجات من الحقوق، ويعامل الإماء برفق ولا يفكرن في التحرر، وإن كان التحرر من الأمور السهلة إلى الغاية، فما عليهن في مدينة كالقاهرة، التي تعاني مناحي أوربة، إلا أن يذهبن إلى أولياء السلطة؛ ليعربن عن رغبتهن فيه. (3-3) المآتم
مراسم الدفن عند المسلمين فخمة فخامة مراسم الزواج، فالميت يوضع، بعد أن يكفن، في تابوت ويغطى التابوت بشال كشميري، ويتناوب حمله خمسة أو ستة من أصدقائه، ويتقدم الجنازة فريق من العميان والمساكين مرتلين بعض آي القرآن، ويأتي خلفها الأقرباء والأصحاب والنائحات، ويصلى على الميت في المسجد، ثم يدفن في المقبرة، ويوجه وجهه إلى مكة، وإذا كان الميت عظيما أقيم حول قبره بنيان مكعب تعلوه قبة، وإذا حلت الأعياد زينت القبور بالأزهار، وقضى النساء أياما حولها بالدعاء. (4) مختلف عادات العرب: الحمامات، القهوات، التدخين، تعاطي الحشيش (4-1) الحمامات
شكل 2-7: سقف بيت حديث بدمشق (من تصوير بورغوان).
حمامات الشرق أفضل من حمامات الغرب صحة وراحة، وهي، عدا ذلك، محل للاجتماع والمحادثة، ولا تقل شأنا عما كان لها عند قدماء الرومان.
وتنشأ حمامات الشرق على نمط واحد، ولا يختلف بعضها عن بعض في غير الزينة والنفائس.
ويوجد متكأ كبير، في ردهة الحمام حيث يستريح المستحم ويخلع ثيابه وتحفظ، وترى فسقية من الرخام في الوسط، ويتلفف المستحم بمنشفة، وينتعل نعلا من الخشب، ويدخل غرفة تبلغ حرارتها نحو خمسين درجة، ويستلقي على بلاطة من الرخام ويمسد، ثم يدخل غرفة ثالثة ويدلك جسمه، ويغسل بالصابون ويتوضأ، ويصب الماء الفاتر والبارد عليه غير مرة، ثم يعود إلى تلك الردهة ويستلقي على ذلك المتكأ مشتملا بالمناشف ويشرب النارجيلة والقهوة، ولا شيء ينعش الإنسان، بعد نصب النهار، مثل ذلك الاستحمام، فنتمنى أن يشتمل جميع مدن أوربة المهمة على مثل تلك الحمامات. (4-2) القهوات والتدخين وتعاطي الحشيش
Bog aan la aqoon