Ghamz Cuyun al-Basa'ir
غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م
وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ الْفِعْلِ سَعْيٌ فِي إهْلَاكِ نَفْسِهِ فَيَصْبِرُ تَحَامِيًا عَنْهُ.
وَأَصْلُهُ أَنَّ الْحَرِيقَ إذَا وَقَعَ فِي سَفِينَةٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ صَبَرَ فِيهَا يَحْتَرِقُ، وَلَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ يَغْرَقُ؛ ٤٥ - فَعِنْدَهُ يَخْتَارُ أَيَّهُمَا شَاءَ.
وَعِنْدَهُمَا يَصْبِرُ، ثُمَّ إذَا أَلْقَى نَفْسَهُ فِي النَّارِ فَاحْتَرَقَ ٤٦ - فَعَلَى الْمُكْرِهِ الْقِصَاصُ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُ: لَتُلْقِيَنَّ نَفْسَك مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ أَوْ لَأَقْتُلَنَّكَ بِالسَّيْفِ فَأَلْقَى نَفْسَهُ فَمَاتَ ٤٧ - فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ تَجِبُ الدِّيَةُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ (انْتَهَى) .
الْخَامِسَةُ: وَنَظِيرُ الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ قَاعِدَةٌ خَامِسَةٌ؛ وَهِيَ دَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ.
فَإِذَا تَعَارَضَتْ مَفْسَدَةٌ وَمَصْلَحَةٌ قُدِّمَ دَفْعُ الْمَفْسَدَةِ غَالِبًا؛ لِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّرْعِ بِالْمَنْهِيَّاتِ أَشَدُّ مِنْ اعْتِنَائِهِ بِالْمَأْمُورَاتِ، وَلِذَا قَالَ ﵇ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ»، وَرَوَى فِي الْكَشْفِ حَدِيثًا «لَتَرْكُ ذَرَّةٍ مِمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الثَّقَلَيْنِ» وَمِنْ ثَمَّ جَازَ تَرْكُ الْوَاجِبِ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ، وَلَمْ يُسَامَحْ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْمَنْهِيَّاتِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فَعِنْدَهُ يَخْتَارُ أَيَّهُمَا شَاءَ وَعِنْدَهُمَا يَصْبِرُ.
جَعَلَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ الْإِمَامِ فِي التَّخْيِيرِ، وَكَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ مَذْهَبِ الْإِمَامِ.
(٤٦) قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمُكْرِهِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ بِالنَّارِ كَالْقَتْلِ بِالْمُحَدَّدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تُفَرِّقُ الْأَجْزَاءَ.
(٤٧) قَوْلُهُ: فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَجِبُ الدِّيَةُ أَيْ: عَلَى عَاقِلَتِهِ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُمَا، وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ
1 / 290