في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه (1) . فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله " أعطى كل شيء خلقه " ؛ ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده (2) ، فهو عين اعتقاده . فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق . فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي يتجلى له فيعرفه . فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي . ولا خفاء بتنوع الاعتقادات : فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به (3) (46-1) في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى ، فإن صور(4) التجلي ما لها نهاية تقف عندها . وكذلك العلم بالله (5) ما له غاية في العارف (6) يقف عندها ،بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
رب زدني علما (7)؛ "رب زدني علما"، "رب زدني علما" . فالأمر ل يتناهي من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق؛ فإذا نظرت في، قوله(8) " كنت رجله التي(9) يسعى بها ويده التي (9) يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به " إلى غير ذلك من القوى،ومحلها (10) الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أوخلق كله . فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة فالعين واحدة . فعين صورة ما تجلى عين صورة من (11) قبل ذلك التجلي؛ فهو المتجلي والمتجلى له . فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
Bogga 121