369

Fii Adabka Casriga ah

في الأدب الحديث

Noocyada

يدعي هؤلاء أن السبب في فقدان القصة من الأدب العربي هي البيئة التي عاش فيها العرب دهورا طويلة في صحرائهم المجدبة، التي قلما يطرأ على بساطها تغير، فشمسها ضاحية, وهواؤها راكد، لا غابات فيها تشق أشجارها أجواز الفضاء، وتتلون أوراقها ألوان مختلفة تبعا لتغير فصول السنة، ويشعر من يغشاها برهبة تملأ جوانحه، وقشعريرة تسري في بدنه، ولا كهوف فيها تتحدث عن شعوب اتخذتها مسكنا أمدا غير يسير، ثم هجرتها، بعد أن تحضرت، وخلفت # فيها آثارا لا تزال ناطقة, ولا سماء صاخبة متقلبة مزمجرة هادرة، ولا جبال يكسوها الثلج فيخطف البصر ويظهر جبروت الطبيعة؛ فلا بدع إذا جاء الخيال السامي صورة من هذه الصحراء، وعلى العكس من ذلك البيئة التي عاش فيها الآريون قبل أن يدخلوا إلى أوربان وهي شمال بلاد الهند، فإن الطبيعة فيها قاسية قسوة عارمة، والمناظر متنوعة، والغابات كثيفة دكناء, والجو متلقب لا يستقر على حال, فالرعود القاصفة، والريح العاصفة, والمطر الهطال, والبروق الخطافة, والسحب تتراكم في السماء كأنها جيوش يدفع بعضها بعضا, وقد بثت هذه الطبيعة في نفس الإنسان الذي عاش في أحضانها شيئا من الخشية والرعب وألهمته الأساطير والخرافات، فكان ذلك بدء القصة، وقد اختزن العقل الأوربي من صور هذه الحياة الأولى شيئا غير قليل، وكان له بهذا الخيال المجنح والعقلية الخصبة، والنظرة الفاحصة، وهذه المواهب هي القصة.

Bogga 393