[1] ان فى كل رأى ومذهب كريم ووضيع نوعين من امواع الحال وذلك بين ظاهر. ومن الصواب أن يسمى النوع الواحد منها علم الشىء الذى يطلب علمه والنوع اللآخر مثل ادب من اللآداب لانه عمل الاديب القضاء على قول القائل وكلام المتكلم ان كان مصيبا فى قوله وكلامه او مخطئا. وانا اظن أنه ينبغى ان يكون المؤدب المخرج على مثل هذه الحال والقوة على ما ذكرت من عمل الادب وكثرة الاحكام وربما كان أدب الاديب فى معرفة طباع شيء واحد وعلم مفرد من غيره وغيره يكون اديبا وعالما بطباع شىء آخر خاصة. ولكل علم حدود و معرفة وكل جزء من أجزاء العلوم أيضا. فهو بين انه ينبغى ان تكون حدود معروفة ااذى يريد وصف ما عرف وعاين من طباع الحيوان ليكون عرض رأى المتكلم فى ذلك النظر الى تلك الحدود لكى يوضح بها ان كان ما يقال على مثل ذلك بالحقيقة او بخاتف الحق اعنى أنه ينبغى للمتكلم فى الطبائع والجوهر ان يفرد كل شىء وحده من الطبائع والجواهر ويصف منها ما يهم بوصفه كالذى يريد وصف جوهر وطبيعة الانسان او طبيعة الاسد او الثور او صنف آخر من اصناف الحيوان. وان اراد الكلام فى الاعراض التى تعرض لجمبع الحيوان بفن مشترك صير قوله فى ذلك مشتركا عاما فإن الاعراض التى تعرض لكثير من الحيوان مشتركة وان كانت مختلفة الاجناس كقولى النوم والنفس والنشؤ والبلى والموت و ] مع هذه الاعراض اعراض أخر من الحواس والآفات الباقية. والقول حيننا هذا عن هذه الاشياء غير بين وغير محدود. وهو واضح انا ان اردنا ذكر كل واحد على حدته وتضيق اعراضه وآفاته سنذكر كثيرا منها مرارا شتى ونردد القول لان كل واحد من التى ذكرنا يكون فى الخيل والناس والكلاب فان اراد احد ذكر الاعراض التى تعرض لكل واحد من هذه الاجناس سيضطر الى ان يقول الاعراض التى هى فهى مرارا شتى. وربما عرض أن تكون أشياء أجرى منسوبة الى مقالة واحدة واختلافها بالصورة وبفضل الصورة مثل مسير الحيوان فان فى أصناف مسير الخيوان اختلافا عنى ان منه ما يطير ومنه ما يعوم ومنه ما يمشى ومنه ما يسير على بطنه ويدب. فليس ينبغى أن يخفى علينا كيف صواب النظر والفحص عن طبائع الحيوان هل ينبغى ان ننظر اولا فى الاشياء التى تعرض لجميع اجناس الحيوان ثم ننظر فى خواص كل واحد منها او نبدأ اولا فى تصنيف وتلخيص طبائع وحالات كل واحد من اجناس الحيوان وليس ذلك حيننا هذا بمحدود اعنى تصنيف ما نريد ان نبتدئ بصفة والكلام فيه ولا هو معروف ان كان يلزمنا ان نقول فى ذلك بقول عام مشترك كما يفعل اصحاب العلم التعليمى مثل اصحاب علم النجوم ويوضحون حججهم. وكذلك ينبغى ان يفعل صاحب العلم الطباعى أعنى ان ينظر الى الاشياء الظاهرة من اعمال وافعال اصناف الحيوان اولا والاجزاء التى فى كل واحد منها ثم يقول لماذا فيأتى بالعلل او ما يلزمه ان يفعل خلاف ذلك مع الاشياء التى وصفنا فيذكر عللا كثيرة ىعنى علل الولاد الطباعى مثل العلل التى من اجلها والتى منها ابتداء الحركة ثم يميز ويبين اى هذه العلل اولها وايها ثانيها. وهو يظهر ان العلة الاولى التى منها يقال ان الذى يكون من اجل هذا الشىء يكون [الكلمة] فالكلمة علة بادئة على كل حال واحدة فى الاشياء التى تكوينها وتقويمها بالطباع وبالمهنة. فان الحد يؤخذ من الرأى او من الحس كما يفعل المتطبب حيث يحد الطب والنجار [حيث] يحد مهنة النجارة ويؤدون الكلام والعلل التى من اجلها يفعل كل واحد مما يفعل [و] لماذا ومن اجل ماذا والذى من اجله يكون ما يكون من الامر الجيد فى اعمال الظباع وفى اعمال المهنة. والامر الذى يكون باضطرار موجود فى جميع الاشياء الطباعية بفن واحد وجميع المتكلمين يرومون الكلام اليه. ويبغى لنا ان نعلم بكم نوع يقال الشىء باضطرار فانه يقال بنوع مبسوط فى الاشياء الدائمة السرمدية ويقال بنوع الاستعارة فى جميع الاشياء المنسوبة الى الكينونة مثل ما يقال فى اصحاب المهن اذا ارادوا مؤدى حدود مهنتهم مثل مؤدى حد البيت وغير ذلك مما هو مثله. وباضطرار تكون هيولى فى بناء البيت وفى جميع الاشياء التى تعالج لحال التمام وليكون منها هذا الشىء اولا ثم هذا ثم ما يتلوه متصلا حتى ينتهى الى التمام الذى من اجله يكون كل واحد من الأشياء ويستأنف كينونته. وعلى مثل هذه الحال يكون كلما يكون على فن الطباع. لكن نوع الايضاح والاضطرار الذى يؤدى عن الاشياء الطباعية آخر اعنى الرأى الطباعى والعلوم التى تستعمل الرأى. وقد وصفنا هذه الاشياء فى كتابنا هذا. فان الكون هو الاول فى بعض الاشياء وفى بعضها الذى سبكون ولان الصحة فى الانسان باضطرار يكون هذا الشىء او يستأنف كينونته وليس لانه هذا الشىء او لانه كان من اجل ذلك انما هو من اضطرار او متى سيكون. وليس يمكن ان ينسب اضطرار هذا الايضاح الى شىء سرمدى ابدا بقدر ما نقول اذ هو هذا او متى سيكون هذا. وقد ميزنا هذا القول ايضا فى كتب أخر فى اى الاشياء يكون واى هذه الفنون تتنكس وترجع على ذاتها ولاى علة. ويبغى ان لا يخفى علينا ان القدماء ايضا كانوا يستعملون الرأى على ما لخصنا وكيف يكون كل واحد من الاشياء فان ذلك كان عندهم مطلوبا اكثر من طلبهم كيف هو. وليس الاختلاف الذى بين هذين الامرين بصغير وهو ظاهر بين انه ينبغى لنا ان نبتدئ بالقول من هاهنا كما قلنا فيما سلف اعنى انه ينبغى لنا ان نأخذ الاشياء البينة الظاهرة فى كل جنس من الاجناس اولا ثم نأخذ فى صفةعلل تلك الاشياء الظاهرة ولا سيما اذا اخذنا فى صفة الولادة. ومثل هذه الاعراض يعرض فى صفة البناء اعنى صورة البيت مثل هذا او البيت مثل هذا وان البيت يبنى ويكون على مثل هذا الحال لان الكينونة لحال الجوهر وليس الجوهر لحال الكينونة. ولذلك اخطأ فى قوله امبدوكليس حيث زعم ان اشياء كثيرة تكون لاصناف الحيوان لانه عرض ان تكون على هذه الحال فى الولاد مثل خلقة الفقار فانه عرض انه انكسر حيث القلب وقد جهل ايضا اولا انه ينبغى ان يكون للزرع المقوم قوة مثل هذه وان الذى فعل كان قبل ليس بالكلمة فقط ولكن بالزمان ايضا. فان الانسان يلد انسانا ولان الانسان مثل هذا عرض ولاد فلان مثل هذا. ومثل هذا النوع يعرض للاشياء التى تظن انها تكون من ذاتها مثل الاشياء التى تعمل من المهن <***> مثل الصحة. والصانع شبيه بالاشياء التى قد تقدمت كينونتها مثل المهنة الصانعة لاصنام النحاس فان ذلك الصنم لا يكون من ذاته لان المهنة هى كلمة العمل بغير هيولى. وربما كان الشىء من البخت على مثل هذه الحال وكما هو فى علم المهنة كذلك يكون ايضا. ومن اجل ذلك نقول خاصة انه من اجل ان هذا كان فى كينونة الانسان اعنى ان له هده الاشياء من اجل انه لا يستطاع ان يكون بغير هذه الاعضاء او يكون قريبا منها جدا وبقول عام انه ليس مما يستطاع ان يكون بنوع آخر وانه جيد الكينونة على مثل هذه الحال. وهذه الاشياء تتبع. ولان ولاد فلان مثل هذا باضطرار يعرض ان يكون العرض مثل هذا اعنى الذى من اجله يكون اولا هذا العضو ثم هذا ثم ما يتلوه. وبهذا النوع يكون تصنيف جميع الاشياء التى تقوم من الطباع فالقدماء والدين تكلموا بكلام حكمة وفلسفة فى الطباع انما نظروا فى الاول الذى يكون من الهيولى والعلة التى هى مثل هذه واى علة هى ومثل ماذا وكيف يكون الكل منها وماذا المحرك اعنى الصداقة او الخلاف او العقل او الذى يقال من ذاته فاذا كان طباع مثل هذا الذى يقال من ذاته للهيولى الموضوعة باضطرار يكون ما يكون على مثل ذلك الطباع اعنى مثل قولى ان النار حارة والارض باردة وطباع النار خفيف وطباع الارض ثقيل. وعلى مثل هذه الحال يصفون كينونة العالم ومثل هذا القول يقولون فى كينونة الحيوان والشجر مثل قول القائل انه اذا سال الماء فى الجسد يكون فيه بطن اعنى عمق ويكون الموضع الذى يقبل جميع الغذاء او الفضلة وان المنخر انما انشق وانفتح لحال قبول الهواء والنفس. ولذلك يزعمون ان الهواء والماء هيولى الاجساد كقولى انهم يقومون الطباع من مثل هذه الاجساد. وهذا قولهم جميعا. فان كان الانسان والحيوان من قبل الطباع وجميع اعضائه ينبغى ان يقال ويبين ماذا لح وماذا دم وماذا عظم وماذا جمع الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا <***> مثل الوجه واليد والرجل وان كان كل واحد منها مثل هذا وباى قوة لانه لا يكتفى بقول القائل من اى الاشياء هو امن نار ام من ارض ولو انا اردنا ان نصف حال السرير او شىء آخر مثله لزمنا ان نمير خاصة صورته اكثر من الهيولى التى هو منها اعنى النحاس والخشب. و<ان> لم نصفه على هذه الحال ينبغى لنا ان نصف كليته ونقول ان السرير هذا فى هذا وهذا مثل هذا. فان اردنا ان نصف شكله ايضا ينبغى لنا ان نلخص ذلك تلخيصا بينا ونبين صورته لان الطباع المعروف بالصورة اشرف واعظم شأنا من الطباع المعروف بالهيولى. فان كان كل واحد من الحيوان ومن الاعضاء المعروف بالشكل واللون فقد اصاب ديموقريطوس فى قوله فانه يظهر ان ظنه على مثل هذه الحال فهو يزعم انه بين واضح لكل ماذا شكل ومنظر الانسان. وانما يقول هذا القول لان شكله معروف ليس بمشكوك ولان الانسان الحديث على ذلك الشكل وتلك الصورة. اعنى بقولى "الانسان الحديث" المعمول بمهنة فأنه وان كان انسانا بالصورة والمنظر ليس هو انسانا بالحقيقة. وكذلك يقال باليد الحقيقية واليد المعمولة اعنى المصنوعة من نحاس او خشب او هيولى آخر وانما تشترك اليد الحقيقية والمعمولة بالاسم فقط مثل المتطبب المصور لان اليد المعمولة لا تقوى ان تعمل عملها كما لا يقوى المتطبب المصور على ان يعمل عمله. وبمثل هذا النوع يقال كل واحد من الاعضاء الحقيقية والمعمولة اقول مثل العين واليد وكذلك يفعل النجار اذا اراد ان يصف اليد المعمولة من الخشب وعلى مثل هذا الفن يفعل اصحاب العلم الطباعى اذا ارادوا صفة الولاد وذكر العلل والشكل ومن اى القوى عملت. ولكن خليق ان يذكر النجار الفأس والمثقب فاما صاحب العلم الطباعى فهو يذكر الارض والماء والنجار اجود صفة وابلغ قولا لانه يقول انه حيث وقعت الآلة التى بها يعمل الخشب صار بعض الخشب عميقا وبعضه مستويا شبيها بسطح وهو يؤدى العلة التى من اجلها تنقر الخشبة نقرا مثل هذا ولماذا فعل ويزعم انه انما فعل ليكون بصورته وشكله مثل هذا. وهو بين ان قولهم ليس بصواب لانه ينبغى أن يقال ويبين لنا لماذا الحيوان ومثل ماذا هو ونصف كل واحد من الاعضاء كما نصف صورة السرير ان كان ذلك نفسا او جزء نفس وان لم يكن بغير نفس فانه اذا ذهبت النفس عن الحيوان لا يبقى بعد ذلك حيوان ولا شىء من الاعضاء عضو بالحقيقة بل بالشكل والصورة فقط مثل الاصناف التى تقال فى الامثال انها تتحجر اعنى انها تصير من حجارة. فان كانت هذه الاشياء كما وصفنا فهو من عمل صاحب العلم الطباعى ان يقول ويعلم من حال النفس ما يمكن فى القول ويصف حال كل نفس عامة او صنفا من اصناف النفس بتلخيص مفرد ويحد ماذا النفس وان كانت النفس جزءا من اجزاء الحيوان ام لا ثم يصف الاعراض التى تعرض لجوهر النفس الذى هو مثل هذا. وبنوع آخر الطباع يقال بنوعين وكذلك هو. اما النوع الواحد فهو مثل الهيولى والنوع الآخر مثل الجوهر والطباع مثل المحرك ومثل تمام <و> كل نفس حيوان مثل هذا او جزء من اجزائها. فهو بين بمثل هذا المأخذ والتصنيف انه ينبغى ان ينسب النظر فى حال النفس الى صاحب الرأى الطباعى فان النظر فى حال النفس اعظم من النظر فى الهيولى لان الهيولى انما تقال طباعا لحال النفس وليس يقال النفس طباعا لحال الهيولى. فان الخشبة المعمولة تقال سريرا وآلة لها ثلاثة ارجل لان الخشبة بالقوة تقال هذه الاشياء. واذا نظر احد فيما ذكرنا لزمه العويص لانه يعتاص ان كان صاحب العلم الطباعى يريد القول فى النفس الطباعية الكلية او فى نفس واحدة فانه ان اراد القول فى كل نفس ليس بينه وبين صاحب العلم الطباعى اختلاف البتة لان عقل الفيلسوف يطلب علم الاشياء المعقولة. فهو بين ان العلم الطباعى يطلب معرفة جميع الاشياء لانه من عمله النظر فى العقل والمعقول لان رأى جميع الاشياء التى يضاف بعضها الى بعض واحد هو فهو كقولنا ان رأى الحس والاشياء المحسوسة واحد هو فهو. وليس كل نفس ابتداء حركة ولا جميع الاعضاء بل ابتداء النشوء الابتداء الذى فى الشجر وابتداء التغيير الذى فى الحس والصانع وابتداء المذهب شىء آخر وليس الذى فيه العقل لان المذهب فى اشياء أخر من اجناس الحيوان فاما العقل فليس هو ولا فى واحد منها. فقد وضح لنا انه <لا> ينبغى ان يكون القول فى كل النفس لانه ليس كل النفس طباعا بل جزء منها فان فى النفس اجزاء كثيرة وايضا لا يمكن ان يكون الرأى الطباعى من الاشياء المأخوذة من النفس لانه يظهر لنا ان الطباع انما يفعل جميع ما يفعل لحال شىء كمثل ما تفعل المهنة فى الاشياء المهنية. وكذلك نقول ان فى الاشياء ابتداء آخر وعلة اخرى مثل العلة التى فينا اعنى [ان] الحار والبارد الذى هو جزء من الكل. ومن اجل ذلك نقول انه خليق ان تكون كينونة السماء من علة مثل هذه ان كانت لها كينونة ونقول ان السماء كانت لعلة مثل هذه فان السماء اولى ان تنسب الى علة مثل هذه اكثر من الحيوان فالمحدود المنضود المرتب الشريف يظهر فى السماوية اكثر مما يظهر فينا وفيما بيننا. فاما الذى يكون فى زمان آخر وبنوع آخر وكما جاء فهو يظهر فى الاشياء التى تبلى وتموت اكثر. ومن الناس من يزعم ان كل واحد من الحيوان يكون من قبل الطباع وان كينونة السماء من ذاتها ومن البخت وكذلك كان تقويمها وليس يرى ان فى السماء شىء من البخت ولا عدم الترتيب والنضد. ونحن نقول فى كل موضع ان هذا يكون من اجل هذا اعنى فى كل موضع يظهر فيه تمام يكون منتهى <و> غاية الحركة اليه اذا لم يكن له شىء مانع البتة. فهو بين انه يكون شىء مثل هذا اعنى الذى يسمى طباعا لانه لا يكون من كل بذر <و> كل زرع ايما كان بالبخت بل يكون هذا من هذا الزرع وذلك محدود معروف فذلك الجسد الذى يخرج منه الزرع ابتداء ما يخرج منه وهو صانعه اعنى الزرع لان هذه الاشياء تثبت وتكون من طباع فنباتها وابتداؤها من الزرع ولكن ايضا علة اقدم من الزرع الذى منه يخرج الزرع من اجل ان الزرع ولاد والتمام جوهر. والعلة التى هى اقدم من هذين [و]ذلك الذى يخرج منه الزرع. وزرع الشىء يقال بنوعين اعنى الذى منه والذى من اجله. فان الزرع منسوب الى ذلك الذى منه خرج مثل زرع الفرس فهو منسوب الى الذى منه بدا مثل زرع الحية ولكن ليس بنوع واحد هو فهو بل بنوع واحد من النوعين اللذين وصفنا وايضا الزرع بالقوة. وانما اقول بالقوة التى مصيرها الى الفعال فهو بين ان لهذه الاشياء علتين اعنى الذى من اجله والذى من الاضطرار لان اشياء كثيرة تكون من الاضطرار. وخليق ان يعتاص احد ويقول اى معنى من معانى الاضطرار يقال هاهنا فانه لا يمكن ان يقال بنوع واحد من النوعين بل من الانواع المحدودة فى علم الفلسفة. فهو يقال بنوع ثالث فى الاشياء التى لها ابتداء كينونة. فليس يمكن ان يقال الاضطرار هنا بنوع واحد من الانواع التى وصفنا كقولنا ان الغذاء لا يقال باضطرار ولا بنوع واحد من هذه الانواع بل يقال انه لا يمكن ان يكون الحيوان بغير غذاء كقولنا انه ان ينبغ ان يشق الفأس الخشب او اشياء أخر باضطرار يلزم ان يكون جاسيا وان كان لازما ان يكون جاسيا فمن الواجب ان يكون معمولا من نحاس او حديد. وكذلك نقول فى الجسد ان كان كله آلة من اجل ان كل واحد من الاعضاء انما هو لحال شىء وكذلك الكل ايضا فباضطرار ان يكون مثل هذا ومن مثل هذا اعنى من اجل ان الشىء الذى يكون فى هذين النوعين من انواع العلة التى من اجلها تكون كينونة الاشياء خاصة. فان لم يكن ذلك كما ذكرنا فهو بين انه ينبغى لنا ان نروم ونوضح ان جميع الذين لا يقولون مثل هذا القول لا يقولون فى الطباع قولا صوابا لان هذا اجدر ان يكون طباع [من] الهيولى. والحق يضطر امبد وقليس فى مواضع الى ان يلجأ الى ذكر هذه العلة ولذلك لا يجد بدا من ان يقول ان الجوهر والطباع هما الكلمة اعنى الحد مثل ما يفعل اذا اراد مؤدى حد العظيم فانه اذا اراد ان يقول ماذا عظم لا يقول انه واحد من الاسطقسات ولا اثنان ولا ثلاثة ولا [من] كلها بل يقول انه خلط منها. وهو بين ان مؤدى حد اللحم على مثل هذه الحال ايضا ومؤدى حدود كل واحد من الاضاء. والعلة التى منعت القدماء من لطف النظر فيما ذكرنا من قبل انهم لم يحدوا الطباع ولا قالوا ماذا كينونة كل واحد من الاشياء. ولكن ديموقريطوس اول من قارب لطف الرأى ولم يفعل ذلك لانه لازم لاصحاب العلم الطباعى باضطرار بل لان الامر بعينه الجأه واضطره الى ذلك. فلما كان زمان سقراطيس فشا ونمى هذا الرأى وضعفت اصناف طلب معرفة الطباع ومال اهل الفلسفة الى طلب الفضيلة النافعة والى تدبير المدن ويبغى ان نقول بقول عام على مثل هذه الحال اعنى ان التنفس يكون لحال هذا الشىء وهو يكون لحال هذه الاشياء باضطرار. والاضطرار دليل على ان ذلك الذى يكون انما يكون لحال شىء وهو التمام الذى من اجله يكون. فباضطرار تكون هذه الاشياء كما هى وعلى طباعها الذى طبعت عليه وباضطرار تخرج الحرارة وتدخل ايضا لان الدخول يكون قبالة الخروج. فاما سبيل الهواء ودخوله الى الجوف فهو مما يحتاج اليه باضطرار لانه يسكن الحرارة التى فى الجوف فلذلك احتيج الى خروج الهواء الذى يدخل ودخول الهواء الذى خارج. فهذه جملة مأخذ معرفة الاشياء الطباعية وعلى مثل هذه الحال ينبغى ان تؤخذ العلل اذا طلب استقصاء شىء من الاشياء. [2] ومن الناس من يأخذ كل واحد من الاشياء مفردا بذاته ويجزئ الجنسر فى فصلين وذلك بنوع من الانواع صعب عسر وبنوع مما لا يمكن ولا يستطاع لان فصل بعض الاشياء واحد فقط وسائر الفصول من الفضول ومما لا يحتاج اليه كقول القائل ذو رجلين والذى له من الارجل اثنان فقط والمشقوق الرجلين والذى ليس له رجلان. فهذا الفصل مسود حقى فقط. وان كان خلاف ذلك فباضطرار يلزمنا ان نقول الشىء الواحد مرارا شتى ونردد القول وايضا ليس مما ينبغى ان نفرق ولا نجزئ على كل جنس كقولى انه لا ينبغى ان يجزأ جنس الطائر فيوضع بعضه فى تجزئ وبعضه فى تجزئ آخر مثل صنف الطائر المصور فانه يعرض ان يجزأ الطائر فى الصورة ويقال ان بعضه يوضع مع تجزىء الطائر الذى يأوى فى البر وبعضه يوضع مع الطائر المائى فالطائر المصور يقال طائر بشبه الصورة فقط والسمك المصور يقال سمكا بالشبه فقط. وتكون فصول أخر ليس لها اسماء خاصة مثل الدمى والذى لا دم له فانه ليس لواحد من هذين الصنفين اسم خاص موضوع عليه. فان كان لا ينبغى ان يفرق ويجزأ شىء من الاشياء المتفقة بالاجناس فهو بين ان الذى يفعل ذلك مخطئ مبطل. فانه اذا جزأ على مثل هذه الحال باضطرار يفرق ويجزئ وبعض الحيوان الكثير الارجل مرتب مع الحيوان المائى وبعضه مرتب مع الحيوان البرى. [3] فباضطرار يكون تجزيئها بالعدم والذين يفرقون يجزئون. وليس فيما بين عدم وعدم فصل لانه لا يمكن ان تكون فصول وصور للذى ليس له كون اعنى عدم الذى لا رجلين له وعدم الذى لا ريش له فليس لهذين العدمين فصول مثل فصول الذى له رجلان والذى له ريش. وباضطرار تكون صور للفصل الكلى ابدا فانه ان لم تكن له فصول لماذا ينسب الى الكل ولا ينسب الى المفرد الجزئى. فمن الفصول فصول كلية ولها صور كقولى ان للطائر الذى له جناح فصولا اعنى ان منه ما جناحه مشقوق ومنه ما ليس جناحه مشقوقا والذى له رجلان كمثل لان من الذى له رجلان ما هو مشقوق الرجلين بشقين مثل الحيوان الذى له ظلفان ومنه ما ليس هو مشقوق الرجلين مثل الدواب التى لها حوافر. فالتجزئ الذى فى مثل هذه الصور عسر. فهو بين انه ايما حيوان كان انما يكون فى هذه الفصول وليس يكون الذى هو فهو فى فصول كثيرة مثل المجنح والذى لا جناح له فقد يكون حيوان مثل هذا اعنى مثل النملة والدودة التى تضىء كما تضىء النار واصناف أخر والتجزئ للحيوان الذى ليس له دم اعسر من كل تجزىء جدا وهو اصوب ان نقول انه ليس مما يستطاع. وباضطرار يكون فى كل واحد من الاشياء المفردة فصل خاص له فهو بين ان ضد الفصل يكون فى ضده ايضا فان كان لا يكن ان تكون صورة من صور الجوهر واحدة لا تنقسم فى الاشياء التى لا فصل لها بل يكون له ابدا مثل الفصل الذى بين الطائر والانسان. فاما الذى ليس له رجلان فليس فيه فصول وان كان حيوان دمى ففى الدم فصول ايضا لان الدم شىء من الجوهر. فان كان ما ذكرنا على مثل هذه الحال فهو بين ان الفصل الواحد شىء يكون فى اثنين. فان كان ذلك كا ذكرنا فهو بين انه لا يمكن ان يكون العدم فصل وتكون الفصول بالعدم مساوية للاشخاص اعنى اشخاص الحيوان ان كانت هذه الاشخاص لا تقسم ولا تجزأ والفصول لا تجزأ وليس فصل عام مشترك. فاما ان كان يمكن ان يكون فصل واحد عاما مشتركا لا يقسم ولا يجزأ فهو بين انه انما يكون بالاول المشترك الذى للاشياء التى هى فهى لان من الحيوان ما هو بالصورة غير الآخر. فباضطرار نقول انه ليس صورة واحدة مشتركة واقعة على جميع الاشخاص التى لا تقسم ابدا والا فانها ستكون آخر وتنسب الى الفصل الذى هو فهو. وليس ينبغى ان يكون الشخص الواحد الذى هو فهو منسوب الى فصل آخر من الفصول المجزأة ولا تنسب الاشياء المختلفة الى فصل واحد هو فهو ولا جميع الاشياء تنسب الى هذه الفصول. فهو بين انه لا يمكن ان تؤخذ الصورة التى لا تجزأ مثل ما يجزئ الذين يجزئون الحيوان فى اثنين او جنسر آخر ايما كان. فانه بقدر قول اولائك باضطرار ان يكون جميع اجناس الحيوان التى لا تجزأ بالصورة <***> فى اواخر الفصول. فانه انا كان جنس من الاجناس التى فى اوائل فصوله اصناف البياض وكل واحد من تلك الاصناف تجزأ فى فصول أخر وتذهب مثل هذا المذهب الى ما بين يديه حتى تنتهى الى الاشخاص ستكون اواخر الفصول اربعة او كثرة اخرى من التى تضعف من الواحد وتكون الصور ايضا فى الكثرة على مثل هذه الحال [ايضا]. والصورة والفصل فى الهيولى لانه لا يمكن ان يكون ولا عضو واحد من اعضاء الحيوان بغير هيولى ولا يمكن ان يكون عضو من اعضاء الحيوان هيولى فقط ولا كلما كان له جسد يكون على كل حال حيوانا كما قلنا مرارا شتى. وايضا ينبغى ان يكون التجزئ بالتى فى الجوهر وليس بالاعراض بذاتها كقولى انه ان اراد احد ان يجزئ الاشكال سيقول ان زوايا بعض الاشكال مساوية لزاويتين قائمتين ولم يميز زوايا بعض الاشكال مساوية لزوايا كثيرة. فانه من العرض الذى يعرض للشكل المثلث ان تكون زواياه مساوية لقائمتين. وايضا ينبغى ان يكون التجزىء فى التى يضاد بعضها بعضا لان الاشياء التى يضاد بعضها بعضا مختلفة مثل البياض والسواد والاستقامة والاعوجاج. وكل واحد من هذه الفصول يجزأ فى الذى يضاده ويخالفه وليس شىء يجزأ بعضه باللون وبعضه بالسباحة. ومعما قلنا اجناس الحيوان تجزأ بالافعال المشتركة للنفس والجسد كما وصفنا ايضا حيث ذكرنا الحيوان السيار والطيار. فان للحيوان اجناسا توجد فيها هتان الخصلتان اعنى ان فيها ما له جناحان ومنها ما ليس له جناح مثل جنس النمل فان منه ما له جناح ويطير ومنه ما ليس له جناح ولا يطير. وينبغى ان يكون التجزئ ايضا فى الانيس والبرى فان هذين الصنفين من اصناف التجزئ. وبقول عام اذا كان حيوان انيس يكون حيوان برى وحشى ايضا مثل الانسان والبقر والكلاب وفى ارض الهند خنازير ومعزى وغنم وجميع الاصناف المشتركة بالاسم. فان كانت هذه الاصناف هى فهى واحدة بالصورة ليس يمكن ان تكون فصول للانيسة والوحشية بنوع آخر الا بالنوع الذى ذكرنا. فباضطرار يعرض هذا العرض للذى يريد التجزئ بفن صواب. وانما ينبغى ان تؤخذ معرفة الحيوان بقدر الاجناسر كما وصفنا فيما سلف. فاما كثير من الناس فانهم جزؤوا اصناف الطائر واجناس السمك بفصول شتى <و> كل واحد من تلك الفصول بفصول أخر ايضا ولم يجزئوا بنوع التجزى الذى يجزئ كل جنس بفصلين وليس يمكن ذلك البتة لان الواحد الذى هو فهو يقع فى اصناف تجزئ كثيرة والاضداد تقع فى تجزئ واحد هو فهو اما ان يكون واحدا مبسوطا واما ان يكون واحدا من تركيب ويكون من ذلل الصورة الآخرة. فان لم يؤخذ الفصل بنوع فصل باضطرار يهيأ التجزىء متصلا متتابعا مثل ما يهيأ رباط وعقد الكلام واحدا. اقول انه يعرض مثل العرض الذى يعرض للذين يجزئون ويزعمون ان من الحيوان ما له جناح ومنه ما ليس له جناح ومن المجنح <***> ما هو ابيض ومنه ما هو اسود وليس الانيس ولا الابيض فصل للمجنح بل هما فصول لاول آخر وذلك الاول بنوع عرض وفى ذلك تجزئ الواحد فى تجزئ كثير كما قلنا فيما سلف. وبهذا النوع يصيرون عدم المجنح فصلا فاما فى التجزئ الذى يجزئ باثنين فليس يفعلون ذلك. ومن هذه الحجج يستبين ايضا انه لا يستطاع ان يؤخذ شىء من الاشياء المفردة بذاتها بغير الواحد كما ظن بعض الناس انه لا يمكن ان يكون فصل واحد للاشياء المفردة بذاتها لا إن اخذ احد الفصل مبسوطا ولا ان اخذه مركبا وانما اعنى مبسوطا ان كان له فصل وان لم يكن له كقولنا الكثير الافتراق اذا قيس الى المشقوق الرجلين فاما المركب فهو مثل تشقيق الرجلين. وبهذا النوع يكون الاتصال الذى يكون من الجنس فى التجزئ حتى ينتهى الى الفصل لان الكل مثل شىء واحد ولكن يعرض من الكلمة ان يظن ان الفصل الاخير فصل فقط مثل الذى يشقق فى كثير او الذى له رجلان فقط فاما الذى له رجلان فقط والذى له ارجل كثيرة فمن فضول الفصول لانه بين انه لا يمكن ان تكون فصول مثل هذه كثيرة. ومن جزأ التجزئ بنوع الصواب ينتهى الى التجزىء الاخير والى الصورة وانما التجزىء الاخير الذى يجزئ فى المشقوق الرجلين فقط. فبهذا النوع يكون جميع تركيب التجزىء. فاما ان جزأ احد الانسان اعنى ان ركب الذى له رجلان والذى له ارجل كثيرة والمشقوق الرجلين سيعلم ان الانسان انما له رجلان فقط فهذا يكون فصلا واحدا. فاما حيننا هذا فقد اوضحنا انه لا ينبغى ان تكون فصول كثيرة منسوبة الى فصل واحد باضطرار وليس يمكن ان تكون فصول كثيرة للشىء الواحد الذى هو فهو منسوبة الى تجزىء واحد بل ينبغى ان يكون الفصل الاخير واحدا. فليس مما يمكن ان يؤخذ كل واحد من الحيوان المفرد بذاته ويجزأ بجزءين. [4] وخليق ان يعتاص احد ويقول لماذا لم يجنس الناسر الجنسين باسم واحد فى قديم التجزئ اعنى بقولى "جنسين" جنس الحيوان المائى وجنس الطائر فان لهذه الاصناف من اصناف الحيوان وللاصناف الأخر آفات واعراض مشتركة لجميعها. وعلى ذلك بنوع صواب جزئ على مثل هذه الحال لان الاجناس التى لها فصول بالفضلة التى فيها وبالاكثر والاقل مسماة باسم واحد منسوبة الى جنس واحد. فاما التى لها ملاءمة تلائم ما ذكرنا فهى موضوعة على حدتها اقول ان بين طائر وطائر فصل بالفضلة فان منه ما هو طويل الجناح ومنه ما هو قصير الجناح. فاما الفصل الذى بين السمك والطائر فبالملاءمة لان للطائر ريش وللسمك قشر مكان الريش. وليس هذا الفصل يسيرا فى جميع فصول الاجناس بل عسر شديد لان هذه الآفات والاعراض فى كثير من الحيوان واجناس الحيوان جواهر والاواخر صور وليس لها بنوع الصورة فصل كقولى مثل "سقراطيس" و "قورسقوس". ولذلك يلزمنا باضطرار ان نقول اولا الاشياء الكلية او نقول الشىء الواحد الذى هو فهو مرارا شتى. فانه كما قلنا فيما سلف الكلية مشتركة وكلما يكون فى كثير مما نسمى كل. وفى هذا الامر عويص اعنى ان كان ينبغى لاحد ان يقول قولا فى الاجناس اولا او فى الاشخاص لان الجنس محدق بالصور والاشخاص فاما الصورة فمحدقة بالاشخاص فقط والاشخاص مفردة بذاتها لا تحدق بغيرها. فكما يقال فى الانسان كذلك ينبغى ان يقال فى الطائر ايضا وليس ينبغى ان يذكر كل طائر لان فى هذا الجنس صور. وانما ينبغى ان تذكر اشخاص الطائر الذى لا تجزأ مثل العصفور او الغرنوق او شىء آخر مثل هذا. وإلا فانه سيعرض ان يقال فى الآفة الواحدة التى هى فهى مرارا شتى لان تلك الآفة فى كثرة بنوع مشترك وذلك من الخطأ وليس من الخطأ فقط بل من التطويل وترداد القول مرارا شتى ايضا اعنى القول فى كل واحد من الحيوان على حدته. وخليق ان تكون الاستقامة والصواب فى ذكر الاجناس التى حدها الناس بنوع الصواب لانها اجناس عامة مشتركة ولها طباع واحد مشترل وفى ذلك الطباع صور لا يبعد بعضها من بعض بعدا كثيرا مثل الطائر والسمك وكلما ليس له اسم خاص وهو مجنس فى ذلك الجنس الواحد الذى هو فهو. فاما ما لم يكن له جنس مشترل فهو بين انه ينبغى ان يكون القول فى كل واحد مفردا بذاته مثل الانسان وان كان شىء آخر مثله. وبقدر قول القائل ان كانت مشابهة فى اشكال الاعضاء وكل الجسد فلها اجناس محدودة مثل جنس الطائر وجنس السمك وجنس الحيوان التى تسمى باليونانية مالاقيا وجنس الحلزون. فان اعضاء هذه الاجناس مختلفة ليس بشبه الملاءمة مثل ما فى الانسان والسمك فان العظم الذى فى الانسان شبيه بالشوكة التى فى السمك بالملاءمة بل ينبغى ان يؤخذ ما ذكرنا من الآفات الجسدانية اعنى العظم والصغر واللين والجساوة والملوسة والخشونة وسائر الآفات التى تشبه هذه الصفة المصنفة وبقول عام ينبغى ان ننظر فى الاكثر والاقل. فقد بينا كيف ينبغى ان تقبل الحيلة الآخذة الى معرفة الطباع وبأى نوع ينبغى ان يكون الرأى الناظر فى طباع الحيوان واوضحنا المسلك والسبيل اللين اعنى الذى ليس بعسر وبينا ايضا كيف يمكن ان يكون نوع التجزىء وكيف ينبغى ان يعلمه الذى يريد ان يستعمله على الصواب وان التجزئ باثنين ربما كان ممكنا وربما كان مما لا يستطاع. فاذ قد بينا جميع هذه الاشياء ينبغى لنا ان نذكر ما يتلوها ويصير هذا الابتداء اول قولنا. [ه] ويعرض ان يكون بعض الجواهر التى تقوم طباعا غير مولود لا يبلى فى جميع العالم وبعضها مشترك فى الولاد والبلى. ورأينا وقولنا قليل فى الجوهر الواحد الالهى لان الاشياء البينة لنا من أثار ذلك الجوهر يسيرة جدا ونحن نقوى ان نقول قولا اكثر فى الحيوان والشجر التى تفسد وتبلى ان علمها ايسر علينا لقربها منا وتربيتنا معها. وقد يقوى من اراد علم كل واحد منهما ان يقول فيه اقاويل شتى مع تعب وكد وفى كلاهما عويص لانا انما ندرك علما يسيرا من علم الجواهر السماوية لكرمها وعظم شأنها فان العاشق اذا عشق شيئا رغب فى معرفة جزء من الاجزاء ايما كان وان كان جزءا صغيرا وذلك خاص للعاشق وعلم ذلك الجزء الصفير احب اليه من علم اجزاء اخر كثيرة لا رغبة له فيها وان عظمت تلك الاجزاء ولطفت معرفته لها. من علم غيرها ونعرفها يقينا من اجل انها اقرب الينا من غيرها وطباعها مدان لطباعنا. فان قد ذكرنا حال الحيوان فيما سلف من قولنا وبينا الاشياء الظاهرة لنا بقى ان نذكر طباع الحيوان ولا ندع شيئا مما نقوى على ذكره بقدر مبلغ رأينا ان كان اكرم وان كان دون الكريم. فان الطباع الذى خلق الحيوان يكون سبب لذة عظيمة للذين يقوون على معرفة العلل وهم فلاسفة من الطباع اذا نظروا الى الحيوان الحقير الذى ليس بحسن المنظر. وهو من الجهل والخطأ ان ننظر الى صورها ونفرح بالمهنة التى عملتها لان مهنة العامل تستبين فى المعمول كقولى فى مهنة الصورة تستبين احكام عمل الصور وفى عمل الاصنام وافراغها تستبين حكمة الصانع ولا نستحب رأى ومعرفة الاشياء المقومة ولا سيما اذ نقوى على معرفة العلل. ولذلك ينبغى لنا ان لا نكره النظر فى طباع الحيوان الحقير الذى ليس بكريم ولا يصعب ذلك علينا كما يصعب على الصبيان وفى جميع الاشياء الطباعية شئ عجيب. وكما يذكر ان اراقليطوس قال للفرباء الذين ارادوا كلامه حيث نظروا اليه داخل الهيكل فوقفوا ولم يقدروا على الدنو منه فانه أمرهم بالدخول الى الهيكل لان هناك آلهة ايضا. وكذلك ينبغى لنا ايضا ان نطلب معرفة طباع كل واحد من الحيوان ونعلم أن فى جميع الحيوان شيئا طباعيا كريما لانه لم يطبع شىء منها على وجه الباطل ولا كما جاء ولا بالبخت بل كلما يكون من اعمال الطباع انما يكون لشىء وكل ما كان ويكون من الطباع انما كان ويكون لحال شىء اعنى لحال التمام ولذلك صار له مكان ومرتبة فاضلة صالحة. فان ظن احد ان الرأى الذى يكون فى معرفة سائر الحيوان غير كريم فليعلم انه لا ينبغى ان يظن به ايضا مثل هذا الظن لانه لا يمكن أن يعرف ويعلم الاشياء التى منها ركب جنس الانسان بلا عسرة شديدة اعنى اللحم والدم والعظام والعروق والاعضاء التى هى مثل هذه. وكما ينبغى لنا ان نظن ان الذى يتكلم فى شىء من الآلة او من الآنية لا يذكر الهيولى التى هى منها فقط ولا يكون قوله من اجلها بل من اجل كل الصورة كما نفعل اذا ذكرنا بيتا فانا لا نكتفى بذكر اللبن والحجارة والطين والخشب حتى نذكر نوع التركيب وكل الجوهر وصورة البيت. وباضطرار يلزمنا ان نصف اولا الاعراض التى تعرض لكل واحد من اجناس الحيوان وبعد ذلك نذكر علل تلك الاعراض. وقد قلنا فيما سلف ان اشياء كثيرة مشتركة تكون فى كثير من الحيوان ومنها ما يكون بنوع مبسوط مثل الرجلين والقشور والريش وجميع ما يشبه هذا الفن ومنها ما هو فى الحيوان بنوع الملاءمة. وانما اقول بنوع الملاءمة لان لبعضها رئة وليس بعضها رئة بل عضو آخر ملائم للرئة وفى بعضها دم وليس فى بعضها دم بل شىء آخر ملائم للدم له قوة مثل قوته فى الحيوان الدمى. وقد قلنا فيما سلف ان ذكر كل واحد من الاعضاء الأخر التى فى كل واحد من اجناس الحيوان يكون علة ترداد القول الواحد مرارا شتى ولا سيما اذا اردنا تصنيف جميع هذه الاشياء التى فى كل واحد من الحيوان فان اشياء كثيرة تكون فى كثير من الحيوان هى فهى فلنميز هذه الاشياء على مثل هذه الحال. وقد علمنا ان كل آلة لحال شىء وكل واحد من اعضاء الجسد لحال شىء والذى يقال لحال شىء فعل من الافعال فهو بين ان كل الجسد ايضا صار مقوما لحال فعل من الافعال كثير الاجزاء. ولم يصر فعل المنشار لحال المنشار بل المنشار عمل لحال فعله وانما فعله النشر وكذلك نقول ان خلقة الجسد لحال النفس والاعضاء خلقت لحال الاعمال وطبع كل واحد منها طباع موافق للامر الذى يراد. وينبغى لنا ان نقول اولا الافعال اعنى المشتركة لجميع اجناس الحيوان ثم الافعال المنسوبة الى كل واحد من الصور. وانما أسمى افعالا مشتركة التى تكون فى جمبع الحيوان فاما الافعال المنسوبة الى كل واحد من اجناس الفصول التى تقارب بعضها بعضا وتظهر لنا كينونتها بالفضلة والزيادة والنقصان كقولى ان الطائر بالجنس فاما الانسان فبالصورة وكلما ليس له ولا فصل واحد بالكلمة الكلية. فان المشترك يكون فى بعض الحيوان بالملاءمة وبعضه يكون بالاجناس ومنه ما يكون بالصورة والافعال تخالف بعضها بعضا بقدر هذا النوع وتبعد بعضها من بعض. وانما تكون الافعال لحال شىء ومن الافعال افعال تتقدم غيرها ومنها افعال تكون تماما لغيرها وبمثل هذا الفن تكون حال كل واحد من الاعضاء بقدر الافعال التى وصفنا. وبنوع ثالث باضطرار تكون فى الحيوان آفات وافعال ايضا مثل الولاد والنشوء والسفاد والسهر والنوم والسير وجميع الآفات التى تكون فى الحيوان مثل هذه. وينبغى لنا ان نذكر اعضاء الحيوان اعنى الانف والعين وكل الوجه فان كل واحد مما ذكرنا يسمى جزءا ونذكر ايضا بقية الاعضاء. فقد اكتفينا بقولنا الذى قلنا فى مذهب الحيلة التى ينبغى لنا ان نستعمل فى معرفة طباع الحيوان. فاما حيننا هذا فهو لازم لنا ان نروم ذكر العلل المشتركة والخاصة ونبتدئ بذكر اوائلها كما حددنا وميزنا فيما سلف من قولنا. تمت المقالة الحادية عشر من كتاب الحيوان لارسطوطاليس
Bogga 22